الكتاب الكريم الى تعديل ذلك فأمر بالاقتصاد والتدبير والاعتدال ومجانبة التبذير فقال جلّ وعلا ، وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّةُ والمِسْكِينَ وابْنَ السَّبِيلِ ولا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ المُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً (١) بل زاد فقال : كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ ولا تُسْرِفُوا (٢) اي لا تسرفوا في العطاء بل أوضح ذلك في سورة الاسراء وسورة الفرقان فقال في الاولى : وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ ولا تَبْسِطُه كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (٣) وفي الثانية وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا ولَمْ يَقْتُرُوا وكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً (٤) الى كثير من أمثالها ، ومن هنا كانت الشريعة الاسلامية شريعة العدل والفصل وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً (٥) لاتدعوا الى فضيلة الاّ وتقرنها بالاعتدال والعقل والتوسط ( وخير الامور أوسطها ) فلله شريعة الاسلام المقدسة ما أسعها وأجمعها وأمنعها وأنفعها ، أفلا قائل يقول لهذا الشباب الطائش المخدوع بتلك الشيوعية الحمراء ، والبلشفية السوداء ؟... أتطلبون اشتراكية أعلى وأصح من هذه الاشتراكية المنظّمة العادلة التي توسّع على الفقراء والمحاويج مايرفع حاجتهم ؛ ويحفظ لأرباب الاموال والأغنياء مكانتهم وحرّيتهم ، ولاتضايقهم ولا ترهقهم ولاتحرم العاملين ثمرة اتعابهم ولا تجعلهم كآلة ميكانيكية ، أو كالبهائم ليس لها الا علفها ومعلفها ، نعم انك لاتهدي من أحبت ولكن الله يهدي من يشاء ، بل الشيطان سوّل لهم وأملي لهم ؛ ولعل العناية تدركهم فتردّهم الى صوب الصواب والمنهج القويم ان شاء الله تعالى.
__________________
(١) سورة الاسراء آية : ٢٦ ـ ٢٧.
(٢) سورة الانعام آية : ١٤١.
(٣) سورة الاسراء آية : ٢٩.
(٤) سورة الفرقان آية : ٦٧.
(٥) سورة البقرة آية : ١٤٣.