الدنيا واحتقاره لها وشطف عيشه وجشوبة مأكله وخشونة ملبسه ثمّ قس ذلك الى شجاعته وبسالته وقوّة عضده وساعده وانظر هل يمكن عادة ان يعطى ذلك الغذاء تلك القوّة وينمو عليه ذلك الجسد هنالك تستيقن أن القوة الهية والتربية ملكوتية وانه صلوات الله عليه متصل بعالم الغيب بلاريب كما قال هو صلوات الله عليه والله ما قلعت باب خيبر ولادككت حصن يهود بقوة جسمانية ولكن بقوة الهية.
وكيف يمكن في العادة أن غلاما ابن احدى او اثنى عشرين سنة يلقع بابا يعجز عن حمله أربعون رجلاً.
أما طعامه وقوته فقد تظافر الخبر عنه بل تواتر يجد كل ناظر في تفاريق كتب التاريخ ومجاميع الاخبار ففي كتاب « نثر الدر للوزير الآبي » قال الاحنف : دخلت على معاوية فقدّم لي من الحار والبارد الحلو والحامض ماكثر تعجبي منه ، ثم قدّم لي لونا لم أدر ما هو فقلت ما هذا ؟ فقال : مصارين البط محشوّة بالمخ قد قلبت بدهن الفستق وذرّ عليها بالطبرزد فبكيت فقال :
ما يبكيك ؟ قلت : ذكرت عليا عليهالسلام بينا انا عنده وقد حضر وقت افطاره وطعامه وسئلني المقام اذ دعا فجئ له بجراب مختوم فقلت : سيدي ما في الجراب ؟ قال : سويق شعير قلت : خفت عليه أن يؤخذ أو بخلت به ؟ فقال : لا ولا احدهما ولكن خفت ان يلثه الحسن او الحسين بسمن او زيت. قلت : محرّم هو يا اميرالمؤمنين عليهالسلام ؟ فقال : لاولكن يجب على أئمة الحق أن يعتدوا أنفسهم من ضعفة الناس لئلاّ يطغى الفقير فقره ، فقال معاوية : ذكرت من لا ينكر فضله (١) انتهى.
__________________
(١) واشكال بعض
القاصرين عن درك الحقائق على هذه القصة بانه : هل كان الحسن والحسين عليهالسلام
لا ينتهيان بنهي أميرالمؤمنين عليهالسلام :
بعدم ادخال سمن أو زيت على الجراب حتى كان عليهالسلام يختمه
خوفا منهما ؟ = لاوجه له فانه اشكال فاسد اذ ليس في القصة اميرالمؤمنين عليهالسلام نهاهما عن ذلك ولم
يصدر