وامسح بها وجهك ، فالى أيّ نفس كان يشير ؟.
الجواب
فاعلم أنه قد ورد في الاخبار المعتبرة أن كميلاً وهو من خواص أصحاب أمير المؤمنين سلام الله عليه قال : سيدي أريد أن تعرّفني نفسي فقال : يا كميل من أيّ نفس تسأل ؟ فقال : يا مولاى وهل هي إلاّ نفس واحدة ؟ فقال يا كميل انما هي أربع : النامية النباتية ، والحسية الحيوانية والناطقة القدسية (١) والالهية الملكوتية (٢) ثم ذكر له خواص كل نفس في بيان وافي ، ولا ريب أن لكل واحدة من هذه النفوس مراتب ودرجات ، وأن النباتية والحيوانية تضمحل وتفنى بموت الانسان وانما يبقى الناطقة القدسية الموجودة في عامة البشر ، وادناها ما يقارب نفس البهائم : إِنْ هُمْ إلاّ كَالأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ، (٣) وأعلاها روح القدس المتصلة بمبدأها الاعلى وهي أرواح الانبياء والائمة عليهالسلام التي اتصلت به وما انفصلت عنه ، وتتصل بهذه الأبدان البشرية للتبليغ والهداية مدة ، ثم تنفصل عنها وهي في جميع احوالها لا تنفكّ متعلقة بخطيرة القدس وسدرة المنتهى ، وفي دعاء الناحية المقدسة من أدعية رجب ؛ لا فرق بينك وبينها الا أنهم عبادك وخلقك ، وهي العقل الاول الكلي وأول
__________________
والحلم والنباهة ولها خاصية الحكمة والنزاهة فيكون محصل المراد بالكلام ان روحه الطيبة الكاملة التي هي المصداق الحقيقي لقوله : قل الروح من امر ربى والمقصود الاصلي بقوله : ونفخت فيه من روحى ، لما فارقت جسده الطاهر فاضت بيدي فمسحت بها على وجهي ولعل هذا مراد من قال ان المراد بسيلان النفس هبوب النفس عند انقطاع الانفاس هذا وانما مسح بها وجهه اما تيمنا او لحكمة عظيمة لانعرفها الله ه
(١) يعبر علماء النفس عن هذه النفس بالشعور او الوعي.
(٢) يعبر عنها ؛ ( أنا ) العالم النفسي فرويد ، ويعبر عنها بعض علماء النفس ( فوق الشعور ) وفوق الشعور مرتبط باللاشعور.
(٣) سورة ٢٥ آية : ٤٧.