فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف وقال : يا فاطمة سميّه علياً فهو عليٌّ ، والله العلي الأعلى يقول : شققت اسمه من اسمي وأدبته بآدابي وأوقفته على غامض علمي وهو الذي يكسر الأصنام في بيتي ، وهو الذي يؤذّن على ظهر بيتي ويقدّسني ويمجّدني فطوبى لمن أحبّه وأطاعه وويل لمن ابغضه وعصاه.
قالت فاطمة سلام الله عليها : ولدت علياً ولرسول الله صلىاللهعليهوآله ثلاثون سنة وأحبّه رسول الله صلىاللهعليهوآله حباً شديداً ، وقال : اجعلي مهده قرب فراشي وكان صلىاللهعليهوآله يلي اكثر تربيته ، وكان يطهّر علياً في وقت غسله ويوجره اللبن عند شربه ويحرك مهده عند نومه ويناغيه في يقظته ويحمله على صدره ويقول هذا أخي ووصيي وناصري وصفيّي وذخري وصهري وزوج كريمتي وخليفتي على أمتي وكان يحمله دائماً ويطوف به جبال مكة وشعابها وأوديتها وفجاجها فصلّى الله على الحامل والمحمول.
أقول : اتّفقت رواية الفريقين المؤالف والمخالف على انه سلام الله عليه ولد في الكعبة وأنّها من المزايا التي اختصّه الله بها فلم تكن لأحد بعده.
ولكن لم يبحث أحد من العلماء الراسخين عن سرّ هذا الرمز الالهي والايماء الربوبي ، ولعلّه اشارة الى ما بينه وبين الكعبة من المناسبة ، فكما ان الصلاة لاتقبل ولاتصحّ الا بالتوجه اليه ، فكذلك الاعمال كلها لاتقبلل الاّ بالتوجه اليه ، والاعتماد على الأخذ منه ومن ذريته والتقرب الى الله بولايتهم وولايته.
فهم كعبة الارواح وهو كعبة الاشباح ، وهم كعبة الاسرار والمعاني وهو كعبة الظواهر والمباني وهم كعبة المعارف واللطائف وهو كعبة العاكف والطائف ، والغاية أن تولده سلام الله عليه في الكعبة اشارة الى أنه هو سرّ شرف الكعبة وروح معناها وجوهر حقيقتها.
ولعل الحق جلّ شأنه انما شرفها في عالم
الأزل لسابق علمه الأزلي بأنّها ستكون مهبط ذلك النور الأقدم ومحطّ ذلك التجلّي الأعظم وموضع بزوغ ذاك القبس