وأصابا قال : فكيف ترى ادبهما ؟ قلت : يا اميرالمؤمنين ما رأيت مثلهما في ذكائهما وجودة فهمهما فضمهما الى صدره وسبقته عبرته فبكى حتى تحادرت دموعه على لحيته ثم امرهما بالانصراف فانصرفا ، فلما خرجا قال لي يا اصمعي كيف بهما اذا ظهر تعاديهما وبدأ تباغضهما ووقع بأسهما بينهما حتى نسفك الدماء ويودّ كثير من الأحباء انهم كانوا موتى ؟ قلت يا اميرالمؤمنين : هذا شيء قضى به المنجّمون عند ولادتهما ؟ أو شيء اشرته العلمأ في امرهما ؟ قال : لابل شيء اشرته العلماء عن الأوصياء عن الأنبياء في امرهما.
وكان المأمون في ايام خلافته بعد قتل أخيه وسلبه ملكه يقول : كان الرشيد سمع جميع ماجرى بيننا عن موسى بن جعفر عليهالسلام ومع هذا فقد كان كثيراً ما يقول له اذا اجتمع بالامام : يا موسى اني قاتلك لامحالة فيقول له الامام عليهالسلام : لاتفعل يا أميرالمؤمنين فاني سمعت عن ابى عن جدي ان رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يقول : ان الرجل يهمّ أن يصل رحمه وقد بقى من عمره ثلاث سنين فيمدها الله الى ثلاثين وقد يهمّ بقطع رحمه ويكون بقى من عمره ثلاثون سنة فينقصها الله ثلاث سنين.
ولم يزل ينقله من سجن الى سجن وذلك ان
الرشيد حجّ في أوائل خلافته ودخل المدينة فبدء بقبر النبي صلىاللهعليهوآله
فقال : يارسول الله اني أعتذر اليك من شيء اني أريد ان أحبس موسى بن جعفر عليهالسلام فانه
يريد التشتّت بين أمّتك وسفك دمائها ثم أمر بالامام عليهالسلام فأخذ
من المسجد وهو قائم يصلّي ، فقطعوا عليه صلاته وحمل وهو يبكي ويقول : اليك اشكو يا رسول الله ما القى واقبل الناس من كل جانب يبكون ويصحيون ، فلما أوقف بين يديّ الرشيد شتمه وجفاه ، ثم أمر به فقيّد واخرج من داره بغلان عليهما قبتان مغطاتان الامام في احديهما ووجّه مع كل واحدة خيلان فاخذ بواحدة على طريق البصرة والأخرى على طريق الكوفة ليعمى على الناس أمره وكان في القبّة التي توجّهت الى البصرة وامر الرسول ان يسلّمه الى عيسى