منها برهان واحد وهو اختلاف نحوي الوجود حيث نرى بالضّرورة والوجدان أنّ النار مثلاً بوجودها الذهني لا يترتب عليها شيء من الآثار من احراق وغيره بخلاف وجودها الخراجىء ولو كانت هي المتأصلة في كلا الوجودين لترتبت آثارها ذهناً وخارجاً واليه أشار في المنظومة بقوله :
وانه منبع كل شرف |
|
والفرق بين نحوي الكون يفي |
وحيث اسفرت الابحاث الحكمية عن هذه الحقيقة الجلية من اصالة الوجود الخارجي الغير المحدود الذي نعبر عنه بواجب الوجود جلّت عظمته يستحيل أن يفرض له ثاني. فان كل حقيقة بسيطة لا تركيب فيها يستحيل أن تتثنى وتتكرر لا ذهناً ولا خارجاً ولا وهماً ولا فرضاً ، وقد أحسن المثنوي (١) في الاشارة الى هذه النظرية القطعية حيث يقول : عن أستاذه شمس التبريزي. (٢)
شمس در خارج اگر چه هست فرد |
|
مىتوان هم مثل او تصوير كرد |
شمس تبريزى كه نور مطلق است |
|
آفتاب است و ز انوار حق است |
شمس تبريزى كه خارج از أثير |
|
نبودش در ذهن ودر خارج نظير |
وبعد أن اتضح بطلان أصالة الماهية ، وأشرق نور الوجود باصالته اختلف القائلون باصالة الوجود بين قائل بأنّ الوجودات بأجمعها واجبها وممكنها الذهني منها ، والخارجي المتبائنة في تشخصها وتعيينها قطعاً هل اطلاق الوجود عليها من باب المشترك اللفظي ، وهو اطلاق اللفظ على المعاني المتكثرة والمفاهيم المتبائنة التى لا تندرج تحت حقيقة واحدة ، ولا يجمعها قدر مشترك كالعين التي تستعمل في
__________________
(١) المولى جلال الدين محمّد المولوي البلخي الرومي من أشهر مشايخ العرفاء وقادتهم الاكابر صاحب ديوان ( المثنوي ) الفارسي المشهور ولد سنة ( ٦٠٤ ه ) ، وتوفى سنة ( ٦٧٢ ه ).
(٢) شمس الدين محمّد بن ملك داد التبريزي من مشاهير العرفاء والصوفية ومشايخهم الاكابر توفى سنة ( ٦٤٥ ه ) ، انظر ( ريحانة الادب ) ، ج ٢ ، ص ٣٣٨ ـ ٣٣٩ ط طهران.