اختلف في القوة والضعف
والوجوب والامكان والعلّية والمعلولية ولكن كل هذا الاختلاف العظيم لا يخرجه عن كونه حقيقة واحدة لا يصيره حقائق متبائنة وان كان بالنّظر الى حدوده ومراتبه متعدداً ومتكثراً ولكن حقيقته من حيث هي واحدة لا تعدد فيها ولا تكثر ألا ترى أنّ الماء من حيث انواعه واصنافه ما اكثره واوسعه فماء السماء وماء البحر وماء النهر وماء البئر وهكذا ولكن مهما تكثّرت الانواع وتعدّدت المصاديق فحقيقة الماء وطبيعته في الجميع واحدة وهكذا سائر الماهيات الطبائع اذاً فوحدة الوجود بهذا المعنى تكاد أن تكون من الضروريات التي لا تستقيم حقيقة التوحيد الاّ بها ولا تنتظم مراتب العلّة والمعلول والحق والخلق الا بها فالوجود واحد مرتبط بعضه ببعض من أعلى مراتبه من واجب الوجود نازلاً على أدناها وأضعفها وهو الهيولى التي لاحظ لها من الوجود سوى القوة والاستعداد ثم منها ساعداً الى المبدء الاعلى والعلة الاولى منه المبدء واليه
المعاد ، ثم انّ اول صادر منه واقرب موجود اليه هو العقل الكلي والصادر الاول ( اول ما خلق الله العقل ) الحديث وهو العقل
الكلي الخارجي العيني لا الكلي الذهني المفهومي وهو ظل الله وفيضه الاقدس ـ وظلّ الله الممدود من سماء الجبروت عالم السكون المطلق ومركز الثبات ، الى عالم الملك والملكوت والناسوت موطن التغيّر والحركات ، ألم تر الى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكناً ، وهذا هو وجه الله الكريم الذي لا
يفنى أبداً وهو اسم الله العظيم الأعظم ونوره المشرق على هياكل الممكنات الذي يطلق
عليه عند الحكماء بالنفس الرحماني وعند العرفاء بالحق المخلوق به ، وفي الشرع رحمته التي وسعت كل شيء والحقيقة المحمدية ، والصادر الاول ( أوّل
ما خلق الله نوري ) وهو الجامع لكل
العوالم عالم الجبروت والملكوت والملك والناسوت ، وجميع العقول المفارقة والمجردة والمادية الكلية والجزئية عرضية وطولية ، والنفوس كذلك كلية وجزئية والارواح والاجسام