والمثل العليا ، وارباب الانواع التي يعبّر عنها في الشرع بالملائكة والروح الاعظم الذي هو سيد الملائكة ورب نوعها. كل هذه العوالم صدرت من ذلك الوجود المطلق والمبدأ الاعلى الذي هو فوق ما لا يتناهى بما لا يتناهى قوّة وشدّة وعدّة ومدّة ، أو جد عزّ شأنه ذلك الصادر الاوّل الجمع لجميع الكائنات والوجودات الممكنات ، أو جده بمحض المشيئة ، وصرف الارادة في أزل الآزال الى أبد الآباد وَ ما أَمْرُنا إِلاّ واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (١) والتشبيه من ضيق نطاق الالفاظ ، والاّ فالحقيقة أدقّ وأرقّ من ذلك وهو المثل الاعلى الحاكي بنوع من الحكاية عن تلك الذات المقدّسة المتحجّبة بسرادق العظمة والجبروت وغيب الغيوب ( يا من لايعلم ما هو الاّ هو ) وذلك العقل الكلي أو الصادر الاول ( ما شئت فعبرّ ) أو الحقيقة المحمّديّة متصلة بمبدأها غير منفصلة عنه ، لا فرق بينك وبينها الاّ أنّهم عبادك وخلقك ؛ بدؤها منك وعودها اليك ، ( أنا أصغر من ربي بسنتين ) والكل وجود واحد ممتد بلا مدة ولا مادّة ، من صبح الازل الى عشية الابد بلاحدّ ولاعدّ ، ولا بداية ولا نهاية ، ومن المجاز البعيد ، وضيق خناق الالفاظ قولنا : هو الأوّل والآخر والظاهر والباطن ، وجوده قبل القبل في أزل الآزال ، وبقاؤه بعد البعد من غير انتقال ولا زوال.
همه عالم صداى نغمه اوست |
|
كه شنيد اين چنين صداى دراز |
ما خَلَقَكُمْ ولا بَعَثَكُمْ إِلاّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ (٢) وذلك النفس الرحماني والعقل الكلّي ، والصادر الاول ـ هو كتاب الله التكويني ـ الذي لا نفاد لكلماته قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي ولَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً (٣)
__________________
(١) سورة القمر ، آية ٥٠.
(٢) سورة لقمان ، آية ٢٨.
(٣) سورة الكهف ، آية ١٠٩.