والمتلف الشيء غارمه |
|
وقاعدة : ( المتلف ضامن ) |
وفي بيان أوضح أنّ علماء ( الفزيولوجيا ) علم اعضاء الحيوان قد ثبت عندهم تحقيقاً أنّ كل حركة تصدر من الانسان بل ومن الحيوان يلزمها يعني تستوجب احتراق جزء من المادة العضلية والخلايا الجسمية وكلّ فعل اراديّ أو عمل فكري لابد وأن يحصل منه فناء في الاعصاب واتلاف من قلايا الدماغ بحيث لا يمكن لذرّة واحدة من المادّة أن تصلح مرّتين للحياة ومهما يبدو من الانسان بل مطلق الحيوان عمل عضلي أو فكري فالجزء من المادّة الحية التي صرفت لصدور هذا العمل تتلاشى تماماً ثمّ تأتي مادة جديدة تأخذ محل التالفة وتقوم مقامها في صدور ذلك العمل مرة ثانية وحفظ ذلك الهيكل من الانهيار والدمار وهكذا كلما ذهب جزء خلفه آخر خلع ولبس كما قال عزّ شأنه أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (١) ويكون قدر هذا الاتلاف بمقدار قوة الظهورات الحيويّة والاعمال البدنية فكلّما اشتدّ ظهور الحياة وتكثرت مزاولة الاعمال الخارجية ازداد تلف المادّة وتعويضها وتجديدها ومن هنا تجد أرباب الاعمال اليدويّة كالبنّائين والفلاّحين واضرابهم أقوى أجساماً وأعظم أبداناً بخلاف ذوي الاعمال الفكرية الذين تقل حركاتهم وتسكن عضلاتهم ثم انّ هذا التلف الدائم لا يزال يعتوره التعويض المتصل من المادة الحديثة الداخلة في الدم المتكونة من ثلاث دعائم هي دعائم الحياة وأسسها الجوهرية الهواء ، والماء ، والغذاء ، ولو فقد الانسان واحداً منها ولو بمدة قصيرة هلك وفقدت حياته.
وهذا العمل التجديدي عمل باطني سرّي لا يظهر في الخارج الاّ بعد دقّة في الفكر ، وتعمق في النظر ، ولكن عوامل الاتلاف ظاهرة للعيان يقال عنها انّها
__________________
(١) سورة ق ، آية ١٥.