سَبَقُونا بِالإِيمانِ ولا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاَّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١) ما وصفهم بأنهم يقولون ربنا العن ـ فلانا وفلانا ـ ولا تمح في قلوبنا غلاًّ.
الجواب :
اعلم أولاً وكن على يقين أن العقلاء والمهذّبين من الاثنى عشريين ليسوا بلعّانين ولا سبّابين ، وان ائمتنا اهل البيت سلام الله عليهم حرّموا علينا السّب والشتم فنحن لا نسبّ الخلفاء والصحابة المرضيين الذين رضى الله عنهم ورضوا عنه ، ولكن لابد لنا في الجواب أن نكشف لك الغطاء عن الحق الناصع والامر الواقع ، ونوضّح لك على وجه الاجمال والاشارة ، ولاشك أنك حرّ والحرّ تكفيه الاشارة. والحق الذي لا يسعك انكاره ولا شك انك تعرفه ويلزمك أن تعترف به هو ان الصحابة الذين صحبوا النبي من المهاجرين الذين هاجروا معه والانصار الذين نصروه ليس كلّهم مرضيّين ومشمولين بقوله تعالى : رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ورَضُوا عَنْهُ . ولا داخلين في اخواننا الذين سبقونا ، والقرآن الكريم يفسّر بعضه بعضا ويدلّ بعضه على بعض ، و يلزم ضمّ بعض الايات الى بعض حتى تتجلى الحقيقة ناصعة لامعة ولو كان كلّ الصحابة مرضيين قد رضى الله عنهم ورضوا عنه اذاً فأين محل قوله تعالى : وما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولُ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ (٢) وليت شعري وما أدرى ولعلّني أدرى من هؤلاء الذين انقلبوا على أعقابهم ؟ ومن المعلوم ان الاستفهام في الاية انكاري ، ومعناه ومورده ان يقع عمل من شخص او أشخاص فينكره المتكلم بصورة الاستفهام ، ومعنى انكاره الاشارة الى انه عمل منكر وشيء شنيع.
__________________
(١) سورة ٢ آية : ١١.
(٢) سورة ٣ آية : ١٤٤.