وبنو أمية وزعيمهم أبوسفيان قائدها ورافعها يلهب نارها ويثير غبارها ويتربص باخماد ذلك النور ، الدوائر ، ويهيج نعرة القبائل ، الى أن فتح الله الفتح المبين وأمكن الله نبيّه من جبابرة قريش وملكهم عنوة ، فصاروا عبيداً وملكا بحكم قوانين الحرب ، والاستيلاء على المحاربين ، بالقوة والسلاح ، ولكنه سلام الله عليه أطلقهم وعفاعنهم ، وقال لهم : اذهبوا فأنتم الطلقاء ، واكتفى منهم بظاهر الاسلام واطلاق لسانهم بالشهادتين ، وقلوبهم مملوءة بالكفر والحقد على الاسلام ، يتربصون الفرص لمحو سطوره ، وقلع جذوره وما اسلموا ، بل استسلموا ، ولما وجدوا أعواناً على الاسلام وثبوا » ما تغيّر شيء نفسيات أبي سفيان وبني أمية بعد دخولهم في حظيرة الاسلام قلامة ظفر ، انما تغيّر وضع المحاربة ، وكيفية الكفاح والمقاومة.
دخل أبوسفيان ومعاوية في الاسلام ، ليفتكوا في الاسلام ويكيدوا له والعدو الداخل أقدر على الكيد والفتك والعدو الخارجي ، وهذه العداوة ذاتية متأصلة ؛ والذاتي لايزول وليست هي من تنافس على مال ، أو تزاحم على منصب أو جاه ، بل هي عداوة المبادي ، عداوة التضاد الطبيعي ، و التنافر الفطري ، عداوة الظلام للنور ، والضلال للهدى ، والباطل للحق ، والجور للعدل ، ولذا بقى بنور أمية على كفر هم الداخلي ومكرهم الباطني مع عدادهم في المسلمين وتمتعهم بنعم الاسلام وبركاته لكن لم يمس الاسلام شعرة من شعورهم ولابلّ ريشة من اجنحتهم كالبط يعيش طول عمره في الماء ولايبل الماء ريشه منه. ( فيما يقولون ) نعم أقرّوا باسلامهم حقنا لدمائهم وتربّص السنوح الفرصة لهدم عروش الاسلام وقواعده ، حتى اذا أدلى من كانت له السلطة بالخلافة الى أول خليفة منهم طاروا فرحا ؛ وأعلنوا ببعض ما كانت تكنه صدورهم ، فجمعهم أبوسفيان وقال : « تلقفوها با بني أمية ، تلقف الكرة ؛ فوالذى يحلف به أبوسفيان ما من جنّة ولانار ».
ثم أخذوا زمام الخليفة الاموي بأيديهم ،
وصاروا يقودونه « كالجمل الذلول »