حولين كاملين ، فلما حضرته الوفاة قال لي : إني ميت ، فقلت : على من تخلفني ، فقال : لا أعرف أحدا يقول بمقالتي(١) إلا راهبا(٢) بالاسكندرية ، فإذا أتيته فاقرأه مني السلام وادفع إليه هذا اللوح ، فلما توفي غسلته وكفنته ودفنته وأخذت اللوح وأتيت الصومعة ، وأنشأت أقول : أشهد لا إله إلا الله ، وأن عيسى روح الله ، و أن محمدا حبيب الله ، فأشرف على الديراني ، فقال : أنت روزبه؟ فقلت : نعم ، فقال : اصعد فصعدت إليه وخدمته حولين كاملين ، فلما حضرته الوفاة ، قال لي : إني ميت قلت : على من تخلفني؟ فقال : لا أعرف أحدا يقول بمقالتي(٣) في الدنيا ، وإن محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب قد حانت ولادته ، فإذا أتيته فاقرأه مني السلام ، و ادفع إليه هذا اللوح ، فلما توفي غسلته وكفنته ودفنته وأخذت اللوح ، وخرجت فصحبت قوما فقلت لهم : يا قوم اكفوني الطعام والشراب أكفكم(٤) الخدمة؟ قالوا نعم ، قال : فلما أرادوا أن يأكلوا شدوا على شاة فقتلوها بالضرب ، ثم جعلوا بعضها كبابا وبعضها شواء(٥) فامتنعت من الاكل ، فقالوا : كل ، فقلت : إني غلام ديراني وإن الديرانيين لا يأكلون اللحم ، فضربوني وكادوا يقتلوني ، فقال بعضهم : أمسكوا عنه حتى يأتيكم شراب(٦) ، فإنه لا يشرب ، فلما أتوا بالشراب قالوا : اشرب ، فقلت : إني غلام ديراني ، وإن الديرانيين لا يشربون الخمر ، فشدوا علي وأرادوا قتلي ، فقلت لهم ، يا قوم لا تضربوني ، ولا تقتلوني ، فإني اقر لكم بالعبودية ، فأقررت لواحد منهم وأخرجني وباعني بثلاثمائة درهم من رجل يهودي قال : فسألني عن قصتي فأخبرته ، وقلت : ليس لي ذنب إلا أن أحببت(٧) محمدا و وصيه ، فقال اليهودي : وإني لابغضك وابغض محمدا ، ثم أخرجني إلى خارج داره وإذا رمل كثير على بابه ، فقال : والله يا روزبه لئن أصبحت ولم تنقل هذا الرمل كله من هذا الموضع لاقتلنك ، قال : فجعلت أحمل طول ليلي ، فلما أجهدني التعب رفعت يدي
____________________
(١ و ٣) في المصدر : يقول بمقالتى هذه. (٢) راهب خ ل.
(٤) في المصدر : اكفيكم الخدمة. (٥) في المصدر : وبعضها شويا.
(٦) في المصدر : حتى يأتيكم شرابكم. (٧) : الا انى احببت.