من الصادقين في دعواك أن الله تعالى لا يرد دعاءك بمحمد وآله الطيبين ، فقال سلمان : إني لاكره أن أدعو الله لهلاككم مخافة أن يكون فيكم من قد علم الله أنه سيؤمن بعد فأكون قد سألت الله تعالى اقتطاعه عن الايمان ، فقالوا : قل اللهم أهلك من كان في معلومك(١) أنه يبقى إلى الموت على تمرده ، فإنك لا تصادف بهذا الدعاء ما خفته ، قال : فانفرج له حائط البيت الذي هو فيه مع القوم ، وشاهد رسول الله (ص) وهو يقول : يا سلمان ادع عليهم بالهلاك ، فليس فيهم أحد يرشد ، كما دعا نوح عليهالسلام على قومه لما عرف أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن ، فقال سلمان : تريدون أن أدعو عليكم بالهلاك؟ فقالوا : تدعوا أن يقلب الله سوط كل واحد منا أفعى تعطف رأسها ، ثم تمشش(٢) عظام سائر بدنه ، فدعا الله بذلك فما من سياطهم سوط إلا قلبه الله تعالى عليهم أفعى لها رأسان ، فتناول(٣) برأس منها رأسه وبرأس آخر يمينه التي كان فيها سوطه ، ثم رضضتهم ومششتهم وبلعتهم و التقمتهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو في مجلسه : معاشر المسلمين إن الله قد نصر أخاكم سلمان ساعتكم هذه على عشرين من مردة اليهود والمنافقين ، قلب سياطهم أفاعي رضضتهم ومششتهم وهشمت عظامهم والتقمتهم ، فقوموا بنا ننظر إلى تلك الافاعي المبعوثة لنصرة سلمان ، فقام رسول الله (ص) وأصحابه إلى تلك الدار ، وقد اجتمع إليها جيرانها من اليهود والمنافقين لما سمعوا ضجيج القوم بالتقام الافاعي لهم ، وإذا هم خائفون منها نافرون من قربها ، فلما جاء رسول الله صلىاللهعليهوآله خرجت كلها من البيت إلى الشارع المدينة ، وكان شارعا ضيقا ، فوسعه الله تعالى وجعله عشرة أضعافه ، ثم نادت الافاعي : السلام عليك يا محمد يا سيد الاولين والآخرين السلام عليك يا علي يا سيد الوصيين ، السلام على ذريتك الطبين الطاهرين الذين جعلوا على الخلائق قوامين ، ها نحن سياط هؤلاء المنافقين ، قلبنا الله تعالى أفاعي بدعاء هذا المؤمن سلمان ، فقال رسول الله (ص) : الحمد لله الذي جعل من امتي
____________________
(١) في نسخة من المصدر ، في علمك.
(٢) تمش خ ل. (٣) تناول خ ل.