وأعرض بوجهه عن القوم فنهظوا ، وبقي عنده العباس والفضل بن العباس وعلي بن أبي طالب وأهل بيته خاصة ، فقال له العباس : يا رسول الله إن يكن هذا الامر فينا مستقرا من بعدك فبشرنا وإن كنت تعلم أنا نغلب عليه فأوص بنا ، فقال : أنتم المستضعفون من بعدي ، وأصمت ، فنهض القوم وهو يبكون قد يئسوا من النبي صلىاللهعليهوآله ، فلما خرجوا من عنده قال صلىاللهعليهوآله : ردوا علي أخي وعمي العباس فأنفذوا من دعاهما فحضرا ، فلما استقر بهما المجلس قال صلىاللهعليهوآله : (١) « يا عم رسول الله تقبل وصيتي ، وتنجز عدتي ، وتقضي ديني؟ » فقال العباس : يا رسول الله عمك شيخ كبير ، ذو عيال كثير ، وأنت تباري الريح سخاء وكرما ، وعليك وعد لا ينهض به عمك ، فأقبل على علي بن أبي طالب عليهالسلام(٢) فقال له : « يا أخي تقبل وصيتي ، وتنجز عدتي ، وتقضي عني ديني ، وتقوم بأمر أهلي من بعدي؟ » فقال : نعم يا رسول الله ، فقال له : ادن مني ، فدنا منه ، فضمه إليه ، ثم نزع خاتمه من يده فقال له : خذ هذا فضعه في يدك ، ودعا بسيفه ودرعه وجميع لامته فدفع ذلك إليه ، والتمس عصابة كان يشدها على بطنه إذا لبس سلاحه وخرج إلى الحرب فجئ بها إليه فدفعها إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقال له ، امض على اسم الله إلى منزلك ، فلما كان من الغد حجب الناس عنه وثقل في مرضه(٣) ، وكان أمير ـ المؤمنين عليهالسلام لا يفارقه إلا لضرورة ، فقام في بعض شؤنه فأفاق رسول الله (ص) إفاقة فافتقد عليا عليهالسلام فقال وأزواجه حوله : « ادعوا لي أخي وصاحبي » وعاوده الضعف فأصمت ، فقالت عائشة : ادعوا له أبا بكر فدعي ودخل عليه وقعد عند رأسه ، فلما فتح عينه نظر إليه فأعرض عنه بوجهه ، فقال أبوبكر فقال : لو كان له إلي حاجة لافضى بها إلي ، فلما خرج أعاد رسول الله صلىاللهعليهوآله القول ثانية وقال : « ادعوا لي أخي وصاحبي » فقالت حفصة : ادعوا له عمر ، فدعي فلما حضر ورآه رسول الله صلىاللهعليهوآله أعرض عنه فانصرف ، ثم قال : « ادعوا لي أخي وصاحبي » فقالت ام سلمة
____________________
(١) قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا عباس.
(٢) على أمير المؤمنين عليهالسلام خ ل. (٣) في المصدر : في موضعه.