فلا ألقاك بين يدي الله مقصرا ولا متوانيا ولا مفرطا ، ولا أمغز(١) وجهك وقاه وجهى ووجوه آبائي وامهاتي بل تجدني بأبي أنت وامي مستمرا(٢) متبعا لوصيتك ومنهاجك وطريقك مادمت حيا حتى أقدم بها عليك ، ثم الاول فالاول من ولدي لا مقصرين ولا مفرطين قال علي عليهالسلام : ثم انكببت على وجهه وعلى صدره(٣) و أنا أقول : واوحشتاه بعدك ، بأبي أنت وامي ، ووحشة ابنتك وبنيك(٤) بل و أطول غمي بعدك يا أخي ، انقطعت من منزلي أخبار السماء ، وفقدت بعدك جبرئيل وميكائيل ، فلا أحس أثرا ولا أسمع حسا ، فاغمي عليه طويلا ثم أفاق صلىاللهعليهوآله. قال أبوالحسن : فقلت لابي : فما كان بعد إفاقته؟ قال : دخل عليه النسآء يبكين وارتفعت الاصوات وضج الناس بالباب من المهاجرين والانصار ، فبيناهم كذلك إذ نودي : أين علي؟ فأقبل حتى دخل عليه ، قال علي عليهالسلام : فانكببت عليه فقال : يا أخي افهم فهمك الله وسددك وأرشدك ووفقك وأعانك وغفر ذنبك ورفع ذكرك ، اعلم يا أخي إن القوم سيشغلهم عني ما يشغلهم ، فانما مثلك(٥) في الامة مثل الكعبة ، نصبها الله للناس علما ، وإنما تؤتى من كل فج عميق ، ونأي سحيق ولا تأتي ، وإنما أنت علم الهدى ، ونور الدين ، وهو نور الله يا أخي ، والذي بعثني بالحق لقد قدمت إليهم بالوعيد بعد أن أخبرتهم رجلا رجلا ما افترض الله عليهم من حقك ، وألزمهم من طاعتك ، وكل أجاب وسلم إليك الامر(٦) ، وإني لاعلم خلاف قولهم ، فإذا قبضت وفرغت من جميع ما اوصيك(٧) به وغيبتني في
____________________
(١) يقال : تمعز وجهه اى تقبض. وفى المصدر والخصائص : ولا اصفر أى ولا اهلك.
(٢) في المصدر : مشمرا.
(٣) في الخصائص : ثم اغمى عليه صلىاللهعليهوآله فانكببت على صدره ووجهه.
(٤) في الخصائص : وابنيك.
(٥) في المصدر والخصائص : سيشغلهم عنى ما يريدون من عرض الدنيا وهم على واردون فلا يشغلك عنى ما شغلهم ، فانما مثلك.
(٦) في الخصائص : فكل اجاب اليك وسلم الامر لك وانى لا عرف.
(٧) في المصدر والخصائص : ما وصيتك به.