وهي سر ابتلاء الله تعالىٰ لعباده الصالحين .
يقول تعالىٰ : ( فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ) ( الأنعام ٦ : ٤٢ ) .
ونظرية استقلال الإنسان في الاختيار والفعل تقع في النقطة المقابلة لهذا الاتجاه تماماً ، وتقطع ما بين الإنسان وبين الله تعالىٰ من صلة في حركته اليومية ، فإنّ الاتجاه المعتزلي يعمّق في مقابل الاتجاه الأشعري حالة استقلال الإنسان في الاختيار واتخاذ القرار والفعل والحركة ، ويؤكد أنّ الله تعالىٰ خوّل للانسان هذه المهام ومنحه كل متطلبات ذلك ، ومنحه الاستقلال في القرار والاختيار والفعل .
وهو ما يؤكد القرآن خلافه ، ويعمّق في النفس إحساساً مخالفاً له .
والذي يقرأ القرآن لا يشك أنّ هذا الكتاب يحاول ويعمل علىٰ أن يشدّ إحساسنا ، وعقولنا ، وقلوبنا ، بالله تعالىٰ من خلال هذه النقطة بالذات ، بعكس الاتجاه المعتزلي تماماً .
يقول زهدي جار الله في كتابه عن ( المعتزلة ) :
( وكأنّ المعتزلة في دفاعهم عن مبدأ الوحدانية راحوا يحاربون كلّ شيء يتعارض مع هذا المبدأ ويفندونه . . . وقالوا : إنّه تعالىٰ ساوى في النعم الدينية ، ولم يخص الأنبياء والملائكة بشيء من التوفيق والعصمة ولا بشيء من نعم الدين ، دون سائر المكلفين .
ثمّ إنّ المعتزلة أنكروا الشفاعة في الذنوب يوم القيامة لأنّها تتضمن معنىٰ المحاباة .