والثاني : أنه وصفهما بالاجتماع في مكان واحد لتأليفه بينهما فقال : إذ هما في الغار.
والثالث أنه أضافه إليه بذكر الصحبة ليجمع بينهما فيما تقتضي(١) الرتبة فقال : إذ يقول لصاحبه.
والرابع : أنه أخبر عن شفقة النبي صلىاللهعليهوآله عليه ورفقه به لموضعه عنده فقال : لاتحزن.
والخامس : أنه أخبره أن الله معهما على حد سواء ناصرا لهما ودافعا عنهما فقال : إن الله معنا.
والسادس : أنه أخبر عن نزول السكينة على أبي بكر لان رسول الله صلىاللهعليهوآله لم تفارقه السكينة قط قال : فأنزل الله سكينته عليه.
فهذه ستة مواضع تدل على فضل أبي بكر من آية الغار لايمكنك ولا لغيرك الطعن فيها.
فقلت له : حبرت(٢) بكلامك في الاحتجاج لصاحبك عنه ، وإني بعون الله سأجعل جميع ما أتيت به كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف. أما قولك : إن الله تعالى ذكر النبي صلىاللهعليهوآله وجعل أبا بكر ثانيه فهو إخبار عن العدد ، لعمري لقد كانا اثنين ، فما في ذلك من الفضل ، فنحن نعلم ضرورة أن مؤمنا ومؤمنا أو مؤمنا وكافرا اثنان ، فما أرى لك في ذكر العدد طائلا تعتمده.
وأما قولك : إنه وصفهما بالاجتماع في المكان فانه كالاول ، لان المكان يجمع المؤمن والكافر كما يجمع العدد المؤمنين والكفار ، وأيضا فان مسجد النبي صلىاللهعليهوآله أشرف من الغار وقد جمع المؤمنين والمنافقين والكفار ، وفي ذلك قوله عزوجل :
__________________
(١) في المصدر : بما يقتضى الرتبة.
(٢) أى زينت كلامك وحسنته ظاهره وان كان في الحقيقة سقيما ، ويمكن أن يقرأ بالتخفيف اى سررت بكلامك وخلته موجها.