« فما للذين كفروا قبلك مهطعين عن اليمين وعن الشمال عزين »(١) وأيضا فان سفينة نوح قد جمع النبي والشيطان والبهيمة(٢) ، والمكان لايدل على ما أوجبت من الفضيلة فبطل فضلان.
وأما قولك إنه أضافه إليه بذكر الصحبة فانه أضعف من الفضلين الاولين لان اسم الصحبة يجمع المؤمن والكافر ، والدليل على ذلك قول الله تعالى : « قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رحلا(٣) » وأيضا فان اسم الصحبة يطلق بين العاقل وبين البهيمة ، والدليل على ذلك من كلام العرب الذي نزل القرآن بلسانهم لقول الله(٤) عزوجل : « وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه »(٥) أنهم سموا الحمار صاحبا ، فقالوا :
شعر
إن الحمار مع الحمار مطية |
|
فاذا خلوت به فبئس الصاحب |
وأيضا فقد سموا الجماد مع الحي صاحبا فقالوا ذلك في السيف وقالوا : (٦)
شعر :
زرت هندا وذاك غير اختيار(٧) |
|
ومعي صاحب كتوم اللسان |
يعني السيف ، فاذا كان اسم الصحبة تقع بين المؤمن والكافر وبين العاقل و
__________________
(١) المعارج : ٣٦ و ٣٧.
(٢) في المصدر : والبهيمة والكلب.
(٣) الكهف : ٣٧.
(٤) في المصدر : فقال الله.
(٥) ابراهيم : ٤.
(٦) في المصدر : قالوا ذلك في السيف شعرا.
(٧) اي من غير خيانة ، والكتوم : الكاتم للاسرار. وقوس كتوم : التي لاترن او التي لا شق فيها.