البهيمة وبين الحيوان والجماد فأي حجة لصاحبك فيه؟
وأما قولك : إنه قال : « لاتحزن » فانه وبال عليه ومنقصة له ، ودليل على خطائه ، لان قوله : « لاتحزن » نهي ، وصورة النهي قول القائل : لاتفعل ، فلا يخلو أن يكون الحزن وقع من أبي بكر طاعة أو معصية ، فان كان طاعة فان النبي صلىاللهعليهوآله لاينهى عن الطاعات بل يأمر بها ويدعو إليها ، وإن كان معصية فقد نهاه النبي صلىاللهعليهوآله عنها ، وقد شهدت الاية بعصيانه بدليل أنه نهاه.
وأما قولك : إنه قال : « إن الله معنا » فان النبي صلىاللهعليهوآله قد أخبر أن الله معه وعبر عن نفسه بلفظ الجمع كقوله : « إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون »(١) وقد قيل أيضا في هذا : إن أبا بكر قال : يارسول الله حزني على أخيك علي بن أبي طالب عليهالسلام ما كان منه ، فقال له النبي (ص) : لاتحزن إن الله معنا ، أي معي ومع أخي علي بن أبي طالب.
وأما قولك : إن السكينة نزلت على أبي بكر ، فانه ترك للظاهر لان الذي نزلت عليه السكينة هو الذي أيده بالجنود ، كذا يشهد ظاهر القرآن في قوله : « فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها » فان كان أبوبكر هو صاحب السكينة فهو صاحب الجنود ، ففي هذا إخراج النبي صلىاللهعليهوآله من النبوة ، على أن هذا الموضع لو كتمته على صاحبك لكان خيرا له لان الله تعالى أنزل السكينة على النبي في موضعين كان معه قوم مؤمنون فشركهم فيها ، فقال في أحد الموضعين : « فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى »(٢) وقال في الموضع الآخر : « ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها »(٣).
__________________
(١) الحجر : ٩.
(٢) الفتح : ٢٦.
(٣) التوبة : ٢٦.