بعدي هناة وهناة ، فاصبر ، أنت كبيت الله : ( مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ) ومن رغب عنه كان كافرا ، قال الله عز وجل : ( وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً ) (١) ، وإني وأنت سواء إلا النبوة ، فإني خاتم النبيين وأنت خاتم الوصيين ، وأعلمني عن ربي سبحانه بأني لست أسل سيفا إلا في ثلاثة مواطن بعد وفاته ، فقال : تقاتل الناكثين ، والقاسطين ، والمارقين (٢) ، ولم (٣) يقرب أوان ذلك بعد ، فقلت : فما أفعل يا رسول الله بمن ينكث بيعتي منهم ويجحد حقي؟ قال : فاصبر (٤) حتى تلقاني ، وتستسلم لمحنتك حتى تلقى ناصرا عليهم. فقلت : أفتخاف علي منهم أن يقتلونني (٥)؟! فقال : تالله (٦) لا أخاف عليك منهم قتلا ولا جراحا ، وإني عارف بمنيتك وسببها ، وقد أعلمني ربي ، ولكني خشيت أن تفنيهم بسيفك فيبطل الدين ، وهو حديث ، فيرتد القوم عن التوحيد.
ولو لا أن ذلك كذلك ، وقد سبق ما هو كائن ، لكان لي فيما أنت فيه شأن من الشأن ، ولرويت أسيافا ، وقد (٧) ظمئت إلى شرب الدماء ، وعند قراءتك صحيفتك تعرف نبأ ما احتملت من وزري (٨) ، ونعم الخصم محمد والحكم الله.
فقال أبو بكر : يا أبا الحسن! إنا لم نرد هذا كله ، ونحن نأمرك أن تفتح لنا الآن (٩) عن عنق خالد هذه (١٠) الحديدة ، فقد آلمه بثقله وأثر في حلقه بحمله ، وقد
__________________
(١) البقرة : ١٢٥.
(٢) مرت وستأتي له جملة من المصادر ، انظر : الغدير ١ ـ ٣٣٧ ، ٤ ـ ٣٨.
(٣) في المصدر : ولن.
(٤) في المصدر : تصبر.
(٥) في المصدر : أن يقتلوني.
(٦) في المصدر : والله.
(٧) في المصدر : ولرأيت أسيافا قد.
(٨) في المصدر : نعرف ما احتملت من عروض.
(٩) في المصدر : أن تفك الآن.
(١٠) في المصدر : هذا ، والصحيح ما أثبتناه.