لما أجمع أبو بكر على منع فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وعليها فدك ، وبلغ ذلك فاطمة (ع) لاثت (١) خمارها على رأسها وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها (٢) تطأ ذيولها ، ما تخرم من مشية رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم شيئا حتى دخلت على أبي بكر ـ وهو في حشد من المهاجرين والأنصار فنيطت دونها ملاءة ، ثم أنت أنة أجهش القوم لها بالبكاء ، وارتج المجلس ، وأمهلت حتى سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم ، فافتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم ، فعاد القوم في بكائهم ، فلما أمسكوا عادت في كلامها فقالت : ( لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ) (٣) فإن تعزوه (٤) تجدوه أبي دون نسائكم (٥) ، وأخا ابن عمي دون رجالكم ، فبلغ النذارة ، صادعا بالرسالة ، ماثلا على (٦) مدرجة المشركين ، ضاربا لثبجهم ، آخذا بكظمهم ، يجذ (٧) الأصنام ، وينكث (٨) الهام ، حتى هزم الجمع وولوا الدبر ، وتفرى (٩) الليل عن صبحه ، وأسفر الحق عن محضه ، ونطق زعيم الدين ، وخرست شقاشق الشياطين : ( وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ ) (١٠) مذقة الشارب ، ونهزة الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطئ الأقدام ، تشربون الطرق ، وتقتاتون الورق ، أذلة
__________________
(١) في (س) : لاتت.
(٢) لا يوجد في المصدر : ونساء قومها.
(٣) التوبة : ١٢٨.
(٤) في المصدر : تعرفوه.
(٥) في بلاغات النساء : دون آبائكم.
(٦) في المصدر : مائلا على ، والظاهر فيهما أنه : عن بدلا من : على.
(٧) في البلاغات : يهشم.
(٨) في (س) : ينكت.
(٩) في المصدر : تغرى.
(١٠) آل عمران : ١٠٣.