ولم يتعد عنها .. أي لم يخلقها على وفق صنع غيره.
وتنبيها على طاعته .. لأن ذوي العقول يتنبهون بمشاهدة مصنوعاته بأن شكر خالقها والمنعم بها واجب ، أو أن خالقها مستحق للعبادة ، أو بأن من قدر عليها يقدر على الإعادة والانتقام.
وتعبدا لبريته .. أي خلق البرية ليتعبدهم ، أو خلق الأشياء ليتعبد البرايا بمعرفته والاستدلال بها عليه.
وإعزازا لدعوته. أي خلق الأشياء ليغلب ويظهر دعوة الأنبياء إليه بالاستدلال بها.
ذيادة لعباده عن نقمته ، وحياشة لهم إلى جنته ..
الذود والذياد ـ بالذال المعجمة ـ .. السوق والطرد والدفع (١) والإبعاد.
وحشت الصيد أحوشه إذا جئته من حواليه لتصرفه إلى الحبالة (٢).
ولعل التعبير بذلك لنفور الناس بطباعهم عما يوجب دخول الجنة.
قبل أن اجتبله .. الجبل : الخلق ، يقال : جبلهم الله .. أي خلقهم ، وجبله على الشيء .. أي طبعه عليه (٣) ، ولعل المعنى أنه تعالى سماه لأنبيائه قبل أن يخلقه ، ولعل زيادة البناء للمبالغة تنبيها على أنه خلق عظيم ، وفي بعض النسخ ـ بالحاء المهملة ـ يقال : احتبل الصيد .. أي أخذه بالحبالة (٤) ، فيكون المراد به الخلق أو البعث مجازا ، وفي بعضها : قبل أن اجتباه .. أي اصطفاه (٥) بالبعثة ، وكل منها لا يخلو من تكلف.
__________________
(١) كما في لسان العرب ٣ ـ ١٦٧ ، والقاموس ١ ـ ٢٩٣ ، وغيرهما.
(٢) قاله في القاموس ٢ ـ ٢٧٠ ، ومثله في مجمع البحرين ٤ ـ ١٣٥ إلا أنه قال : عن الحبالة ، وهو غلط ظاهرا.
(٣) نص عليه في لسان العرب ١١ ـ ٩٨ ، ونحوه في القاموس ٣ ـ ٣٤٥ ، وليس فيه لفظة : عليه.
(٤) قاله في المصباح المنير ١ ـ ١٤٦ ، والصحاح ٤ ـ ١٦٦٥ ، إلا أنه بدل : ( أخذه ) في الأول ، ( صاده ) ، وفي الثاني : ( اصطاده ).
(٥) جاء في لسان العرب ١٤ ـ ١٣٠ ، والصحاح ٦ ـ ٢٢٩٨ ، وغيرهما.