تبيين : اعلم أن بعض المخالفين (١) تمسكوا في تصحيح ما زعموه في أمر الميراث وقصة فدك بإمضاء أمير المؤمنين عليهالسلام ما فعلته الخلفاء لما صار الأمر إليه ، وقد استدل قاضي القضاة (٢) بذلك على أن أمير المؤمنين عليهالسلام لم يكن شاهدا في قضية فدك ، إذ لو كان هو الشاهد فيها لكان الأقرب أن يحكم بعلمه ، وكذلك في ترك الحجر لنساء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم قال : وليس لهم (٣) بعد ذلك إلا التعلق بالتقية التي هي مفزعهم عند لزوم الكلام ، ولو علموا ما عليهم في ذلك لاشتد هربهم منه ، لأنه إن جاز للأئمة التقية ـ وحالهم في العصمة ما يقولون ـ ليجوزن ذلك (٤) من رسول الله ، وتجويز ذلك فيه يوجب أن لا يوثق بنصه على أمير المؤمنين عليهالسلام لتجويز التقية ، ومتى قالوا يعلم بالمعجز (٥) إمامته فقد أبطلوا كون النص طريقا للإمامة ، والكلام مع ذلك لازم لهم ، بأن يقال : جوزوا مع ظهور المعجز أن يدعي الإمامة تقية ، وأن يفعل سائر ما يفعله تقية (٦)؟ وكيف يوثق مع ذلك بما ينقل عن الرسول وعن الأئمة؟! وهلا جاز أن يكون أمير المؤمنين عليهالسلام نبيا بعد الرسول وترك ادعاء ذلك تقية وخوفا؟! فإن الشبهة (٧) في ذلك أوكد من النص ، لأن التعصب للنبي (٨) في النبوة أعظم من التعصب لأبي بكر وغيره في الإمامة! فإن عولوا في ذلك على علم الاضطرار فعندهم أن الضرورة في
__________________
(١) المراد به قاضي القضاة في كتابه المغني كما صرح بذلك السيد المرتضى رحمهالله في الشافي ، وحكاه عنه ابن أبي الحديد في شرحه على النهج ١٦ ـ ٢٧٠.
(٢) كما جاء في المغني ، الجزء العشرين : ٣٣٣.
(٣) في المصدر : وليس يمكنهم.
(٤) في ( ك ) : ليجوزون ، وفي المصدر : ذلك للرسول.
(٥) في المغني : نعلم بالمعجز.
(٦) في المصدر : ما يفعله بفعله تقية؟.
(٧) في المغني : بل الشبهة.
(٨) في المصدر : لرسول الله بدلا من النبي.