العامة (١) ذهبوا إلى جواز الكذب حينئذ.
وحكى الفخر الرازي عن القاضي أنه قال : يجب حينئذ تعريض النفس للقتل ، لأن الكذب إنما يقبح لكونه كذبا ، فوجب أن يقبح على كل حال ، ولو جاز أن يخرج من القبح لرعاية بعض المصالح لم يمتنع (٢) أن يفعل الله الكذب لرعاية بعض المصالح ، وحينئذ لا يبقى وثوق بعهد الله (٣) ولا بوعيده ، لاحتمال أنه فعل ذلك الكذب (٤) لرعاية المصالح التي لا يعرفها إلا الله تعالى (٥).
ويرد عليه : أن الكذب وإن كان قبيحا إلا أن جواز ارتكابه (٦) في محل النزاع لأنه أقل القبيحين ، والتعريض للقتل ـ لو سلمنا عدم قبحه لذاته جاز أن يغلب المفسدة العرضية فيه على الذاتية في الكذب ، ويلزمه تجويز تعريض نبي من الأنبياء للقتل للتحرز عن الكذب في درهم ، وبطلانه لا يخفى على أحد.
وأما ما تمسك به من تطرق الكذب إلى وعد الله سبحانه ووعيده ، فيتوجه عليه :
__________________
التفاسير : تفسير الإمام الحسن العسكري عليهالسلام : ١٧٥ ، وتفسير العياشي ١ ـ ١٦٦ ، ٢ ـ ٢٧١ ـ ٢٧٢ ، تفسير القمي : ١ ـ ١٠٠ و ٣٩٠ ، تفسير ابن عباس : ٤٥ و ٢٣١ ، وتفسير نور الثقلين ١ ـ ٣٢٥ ـ ٣٢٧ و ٣ ـ ٨٨ ، تفسير البرهان ١ ـ ٢٧٥ و ٢ ـ ٣٨٥ ، وغيرها.
(١) قد مرت جملة من مصادر العامة قريبا ونزيدها هنا : تفسير الفخر الرازي ٨ ـ ١١ ـ ١٤ و ٢٠ ـ ١٢٠ و ١٢٣ ، وتفسير الطبري ١٤ ـ ١٢١ ، تفسير البحر المحيط ٢ ـ ٤٢٣ و ٥ ـ ٥٣٧ ـ ٥٤١ ، تفسير الكشاف ١ ـ ٤٢٢ و ٢ ـ ٤٣٠ ، تفسير زاد المسير ١ ـ ٣٧١ و ٤ ـ ٤٩٥ ، وتفسير القرآن العظيم ١ ـ ٣٦٥ و ٢ ـ ٦٠٩ ، وأحكام القرآن للقرطبي ٤ ـ ٥٧ و ١٠ ـ ١٨٠ ، ولاحظ : صحيح البخاري ٨ ـ ٣٨ باب ٨٢ ، و ٩ ـ ٢٥ باب ١. وراجع كتب التراجم والحديث من العامة في ما ذكروه في قصة عمار وصهيب وخباب وبلال ومسيلمة الكذاب وغيرها.
(٢) في تفسير الفخر الرازي : عن القبيح لرعاية بعض المصالح لم يمنع ..
(٣) كذا ، وفي المصدر : بوعد الله تعالى ، جاءت نسخة بدل في ( ك ) : بوعد الله.
(٤) في (س) : الكذاب.
(٥) تفسير الفخر الرازي : ٢٠ ـ ١٢٢.
(٦) كذا ، والظاهر : إلا أنه يجوز ارتكابه.