أولا : أن العقل يجزم ببطلان الاحتمال المذكور ، لأن (١) سبحانه هو الذي بيده أزمة الأمور ، وهو القادر الذي لا يضاده في ملكه أحد ، والعالم بالعواقب ، فلا يجوز عليه نظم الأمور على وجه لا يمكن فيه رعاية المصلحة إلا بالكذب.
وثانيا : أن ذلك باطل بالضرورة من الدين وإجماع المليين ـ لا من حيث عدم جواز الكذب ـ لرعاية المصالح ، وهو واضح.
ثم إن الشهيد رحمهالله عرف التقية (٢) في قواعده (٣) بأنها : مجاملة الناس بما يعرفون وترك ما ينكرون حذرا من غوائلهم ، قال : وأشار إليه أمير المؤمنين عليهالسلام (٤) وموردها الطاعة والمعصية غالبا ، فمجاملة الظالم فيما يعتقده ظلما والفاسق المتظاهر بفسقه اتقاء شرهما من باب المداهنة الجائزة ولا تكاد تسمى تقية.
وقسمها بانقسام الأحكام الخمسة (٥) ، وعد من الحرام التقية في قتل الغير ، وقال : التقية تبيح كل شيء حتى إظهار كلمة الكفر ولو تركها حينئذ أثم ، أما في هذا المقام ومقام التبري من أهل البيت عليهمالسلام فإنه لا يأثم بتركها ، بل صبره إما مباح أو مستحب ، وخصوصا إذا كان ممن يقتدى به (٦) ، انتهى.
وحكى الشيخ الطبرسي رحمهالله في مجمع البيان (٧) عن الشيخ المفيد رضي
__________________
(١) جاءت في ( ك ) : لأنه ، على أنها نسخة بدل.
(٢) في (س) : أن التقية.
(٣) القواعد والفوائد ٢ ـ ١٥٥ قاعدة ٢٠٨ ، باختلاف يسير.
(٤) كما جاءت في مستدرك وسائل الشيعة ١ ـ ٥١٢ باب ١٦ من أبواب ما تجب فيه الزكاة حديث ٢ [ الطبعة الجديدة ٤ ـ ٤٤ ـ ٤٥ ] كما ورد بهذا المضمون عن الصادق عليهالسلام كما جاء في المستدرك ٢ ـ ٣٧٨ باب ٣٠ من أبواب الأمر والنهي حديث ٤ و ٨ [ الطبعة الجديدة ١٢ ـ ٢٧٤ ٢٧٦ ].
(٥) القواعد والفوائد ٢ ـ ١٥٧ ـ ١٥٨.
(٦) القواعد والفوائد ـ التنبيه الثاني ـ ٢ ـ ١٥٨ باختلاف يسير.
(٧) مجمع البيان ١ ـ ٤٣٠ ذيل آية ٢٨ من سورة آل عمران.