الله عنه أنه قال : التقية قد تجب أحيانا وتكون فرضا ، وتجوز أحيانا من غير وجوب ويكون في وقت أفضل من تركها ، وقد يكون تركها أفضل وإن كان فاعلها معذورا ومعفوا عنه ، متفضلا عليه بترك اللوم عليها (١).
وقال الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمهالله : ظاهر الروايات يدل على أنها واجبة عند الخوف على النفس ، وقد روى رخصة في جواز الإفصاح بالحق عنده (٢).
وأنت إذا وقفت على ما حكيناه ظهر لك أن القول بالتقية ليس من خصائص الخاصة حتى يعيروا به ـ كما يوهمه كلام قاضي القضاة والفخر الرازي وغيرهما ـ وأكثر أحكامها مما قال به جل العامة أو طائفة منهم.
ثم إن ما جعله قاضي القضاة من مفاسد القول بجواز التقية على الإمام أعني لزوم جوازها على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ مما رووه في أخبارهم واتفقوا على صحته.
روى البخاري في صحيحه في باب فضل مكة وبنيانها بأربعة أسانيد (٣) ، ـ ومسلم في صحيحه (٤) ، ومالك في الموطأ (٥) ، والترمذي (٦) والنسائي في صحيحيهما (٧) ، وذكرهما في جامع الأصول في فضل الأمكنة من حرف الفاء بألفاظ مختلفة (٨).
__________________
(١) ذكر هذا شيخنا المفيد طاب ثراه في كتابه : أوائل المقالات : ١٣٥.
(٢) جاء في تفسير التبيان ٢ ـ ٤٣٥ ، وإلى هنا انتهى ما نقله صاحب مجمع البيان.
(٣) صحيح البخاري كتاب الحج ٢ ـ ١٧٩ ، وكتاب بدء الخلق باب الأنبياء ٤ ـ ١٧٨ ، وكتاب تفسير سورة البقرة ٦ ـ ٢٤.
(٤) صحيح مسلم ٢ ـ ٩٦٩ حديث ٣٩٩ باب ٦٩ كتاب الحج.
(٥) موطأ مالك ١ ـ ٣٦٣ باب ٣٣ كتاب الحج حديث ١٠٤.
(٦) سنن الترمذي ٣ ـ ٢٢٤ باب ٤٧ كتاب الحج حديث ٨٧٥.
(٧) سنن النسائي ٥ ـ ٢١٤ باب بناء الكعبة ، وانظر : مسند أحمد بن حنبل ٦ ـ ١١٣ و ١١٧ و ٢٤٧ ، وسنن البيهقي ٥ ـ ٨٩.
(٨) جامع الأصول ٩ ـ ٢٩٤ حديث ٦٩٠٧.