بعده (١) لا تائبا ولا مستغفرا؟! فإنهم قتلوا أنصاري ، ونكثوا بيعتي ، ومثلوا بعاملي ، وبغوا علي ، وسرت إليهم في اثني عشر ألفا ـ وفي رواية أخرى : أقل من عشرة آلاف ـ وهم نيف على عشرين ومائة ألف ـ وفي رواية : زيادة على خمسين ألفا ـ فنصرني الله عليهم وقتلهم بأيدينا وشفى ( صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ).
وكيف رأيت ـ يا ابن قيس ـ وقعتنا بصفين ، وما (٢) قتل الله منهم بأيدينا خمسين ألفا في صعيد واحد إلى النار ـ وفي رواية أخرى : زيادة على سبعين ألفا ـ ، وكيف رأيتنا يوم النهروان إذ لقيت المارقين وهم مستبصرون متدينون؟! قد : ( ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) (٣) فقتلهم الله في صعيد واحد إلى النار لم يبق منهم عشرة ولم يقتلوا من المؤمنين عشرة.
ويلك ـ يا ابن قيس ـ هل رأيت لي لواء رد؟ أو راية ردت؟ إياي تعير يا ابن قيس؟!. وأنا صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآله في جميع مواطنه ومشاهده ، والمتقدم إلى الشدائد بين يديه ، ولا أفر ولا ألوذ ولا أعتل ولا أنحاز (٤) ولا أمنح اليهود (٥) دبري ، إنه لا ينبغي للنبي ولا للوصي إذا لبس لامته وقصد لعدوه أن يرجع أو ينثني حتى يقتل أو يفتح الله له.
يا ابن قيس! هل سمعت لي بفرار قط أو نبوة؟.
يا ابن قيس! أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو وجدت يوم بويع أبو بكر ـ الذي عيرتني بدخولي في بيعته ـ أربعين (٦) رجلا كلهم على مثل بصيرة الأربعة الذين وجدت لما كففت يدي ، ولناهضت القوم ، ولكن لم أجد خامسا!.
قال الأشعث : ومن الأربعة يا أمير المؤمنين عليهالسلام؟.
__________________
(١) في المصدر : من قتل حوله ، الملعون من رجع بعده ..
(٢) في مطبوع البحار وضع على : وما ، رمز نسخة بدل.
(٣) الكهف : ١٠٤.
(٤) انحاز عنه : عدل ، قاله في مجمع البحرين ٤ ـ ١٧ وغيره.
(٥) كذا ، وفي المصدر ونسخة على البحار : العدو ، وهو الظاهر.
(٦) لا توجد كلمة : أربعين في (س).