الرحى : الحديدة المنصوبة في وسط السفلى من حجري الرحى التي تدور حولها العليا (١) ، أي تقمص الخلافة مع علمه بأني مدار أمرها ، ولا تنتظم إلا بي ، ولا عوض لها عني ، كما أن الرحى لا تدور إلا بالقطب ولا عوض لها عنه.
وقال ابن أبي الحديد (٢) : عندي أنه أراد أمرا آخر ، وهو أني من الخلافة في الصميم وفي وسطها وبحبوحتها (٣) ، كما أن القطب وسط دائرة الرحى.
ولا يخفى نقصان التشبيه حينئذ.
وقال في المغني (٤) : أراد أنه أهل لها وأنه أصلح منه للقيام بها ، يبين (٥) ذلك أن القطب من الرحى لا يستقل (٦) بنفسه ولا بد في تمامه من الرحى ، فنبه (٧) بذلك على أنه أحق وإن كان قد تقمصها.
ورده السيد رضياللهعنه (٨) بأن هذا التأويل ـ مع أنه لا يجري في غير هذا اللفظ من الألفاظ المروية عنه عليهالسلام ـ فاسد ، لأن مفاد هذا الكلام ليس إلا التفرد في الاستحقاق ، وأن غيره لا يقوم مقامه لا أنه أهل للأمر وموضع له ، وقوله : إن القطب لا يستقل بنفسه .. تأويل على عكس المراد ، فإن المستفاد من هذا الكلام عند من يعرف اللغة عدم انتظام دوران الرحى بدون القطب ، لا عدم استقلال القطب بدون الرحى (٩).
__________________
(١) كما ذكره في النهاية ٤ ـ ٧٩ ، ولسان العرب ١ ـ ٦٨٢.
(٢) في شرحه على نهج البلاغة ١ ـ ١٥٣ بتصرف.
(٣) قال في مجمع البحرين ٢ ـ ٣٤١ : البحبوحة ـ بضم الباءين الموحدتين وبالحاءين المهملتين ـ : وسط الشيء.
(٤) المغني ـ الجزء المتمم للعشرين ـ : ٢٩٥.
(٥) جاء في المصدر : فالمراد بها أنه أهل لذلك وأنه أصلح منه ، يبين.
(٦) في المغني : لا يشتغل ، بدلا من : لا يستقل.
(٧) في المصدر : فسسه ، وفي الهامش عليه : فتشبه.
(٨) الشافي : ٢١٥ حجرية [ الطبعة الجديدة ٣ ـ ٢٦٨ ] وقد ذكر مضمونه.
(٩) رأينا نقل نص عبارة السيد في الشافي ردا على صاحب المغني وهي : فأول ما فيه أنه تأول في اللغة ، وتحمل الألفاظ ما لم توضع له ، لأن عرف أهل اللغة جاء باستعمال لفظ القطب في الموضع الذي