ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير ... انحدار السيل لعله كناية عن إفاضة العلوم والكمالات وسائر النعم الدنيوية والأخروية على المواد القابلة.
وقيل : المعنى أني فوق السيل بحيث لا يرتفع إلي ، وهو كما ترى.
ثم إنه عليهالسلام ترقى في الوصف بالعلو بقوله : ولا يرقى إلي الطير ، فإن مرقى الطير أعلى من منحدر السيل فكيف ما لا يرقى إليه؟ والغرض إثبات أعلى مراتب الكمال للدلالة على بطلان خلافة من تقمصها ، لقبح تفضيل المفضول.
فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا ... يقال : سدل الثوب يسدله بالضم ـ أي أرخاه وأرسله (١) ، ودون الشيء : أمامه وقريب منه (٢) ، والمعنى : ضربت بيني وبينها حجابا وأعرضت عنها ويئست منها ، والكشح : ما بين الخاصرة إلى أقصر الأضلاع (٣) ، ويقال : فلان طوى كشحه .. أي أعرض مهاجرا ومال عني.
وقيل : أراد غير ذلك ، وهو أن من أجاع نفسه فقد طوى كشحه كما أن من أكل وشبع فقد ملأ كشحه.
وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء .. يقال (٤) : طفق في كذا .. أي أخذ (٥) وشرع ، وأرتئي في الأمر .. أي أفكر في طلب
__________________
ذكرناه ، وعند إرادة أحدهم أن يخبر عن نهاية الاستحقاق والتفرد بالأمر الذي لا يقع فيه مشاركة ، فتأوله مع المعرفة بمرادهم في هذه اللفظة لا معنى له ، على أن القطب أشد استقلالا بنفسه من باقي الرحى ، لأنه يمكن أن يتحرك ويدور من غير أن يتصل به شيء ، وباقي الرحى لا يمكن ذلك فيه على سبيل الدور إلا بقطب.
(١) كما جاء في مجمع البحرين ٥ ـ ٣٩٤ ، والقاموس ٣ ـ ٣٩٥ ، وغيرهما.
(٢) قاله في مجمع البحرين ٦ ـ ٢٤٨ ، وانظر : القاموس ٤ ـ ٢٢٣ ، والصحاح ٥ ـ ٢١١٥ ، ذكر الأول في الأول والثاني في الثاني.
(٣) كذا جاء في مجمع البحرين ٢ ـ ٤٠٧ ، والقاموس ١ ـ ٢٤٥ ، إلا أن فيهما : الضلع الخلف ، بدلا من أقصر الأضلاع. وقالا فيهما : طوى فلان عني كشحه : إذا قطعك.
(٤) لا توجد : يقال ، في (س).
(٥) كما في لسان العرب ١٠ ـ ٢٢٥ ، والنهاية ٣ ـ ١٢٩ ، وغيرهما.