والخروج إلى الله عز وجل ألذ عندي من شربة ظمآن ونوم وسنان ، ولكني صبرت وفي الصدر (١) بلابل (٢) ، وفي النفس وساوس ، ( فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ ) (٣) ، ولقديما ظلم الأنبياء ، وقتل الأولياء قديما في الأمم الماضية والقرون الخالية ( فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ ) (٤) ، وبالله أحلف ـ يا ابن عباس ـ إنه كما فتح بنا يختم بنا ، وما أقول لك إلا حقا.
يا ابن عباس! إن الظلم يتسق (٥) لهذه الأمة ويطول الظلم ، ويظهر الفسق ، وتعلو كلمة الظالمين ، ولقد أخذ الله على أولياء الدين أن لا يقاروا أعداءه (٦) ، بذلك أمر الله في كتابه على لسان الصادق رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : ( تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ ) (٧).
يا ابن عباس! ذهب الأنبياء فلا ترى نبيا ، والأوصياء ورثتهم ، عنهم أخذوا (٨) علم الكتاب ، وتحقيق الأسباب ، قال الله عز وجل : ( وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ) (٩) ، فلا يزال الرسول باقيا ما نفدت [ ما نفذت ] (١٠) أحكامه ، وعمل بسنته ، وداروا حول أمره (١١) ونهيه ، وبالله أحلف ـ يا ابن عباس لقد نبذ الكتاب ، وترك قول الرسول إلا ما لا يطيقون تركه من حلال وحرام ، ولم
__________________
(١) في المصدر : وفي الصدور.
(٢) ذكر في مجمع البحرين ٥ ـ ٣٢٥ أن البلابل بمعنى الهموم والأحزان.
(٣) يوسف : ١٨.
(٤) التوبة : ٢٤.
(٥) الاتساق : الانتظام ، كما نص عليه في الصحاح ٤ ـ ١٥٦٦ وغيره.
(٦) قال في الصحاح ٢ ـ ٧٩٠ : قاره : قر معه وسكن.
(٧) المائدة : ٢. وفي المصدر زيادة : الآية ، بعد كلمة : العدوان.
(٨) لا يوجد لفظ : أخذوا ، في المصدر.
(٩) آل عمران : ١٠١. ولم تذكر الواو في أول الآية ، في المصدر.
(١٠) كذا ، ولعل الأظهر بالذال المعجمة.
(١١) في المصدر : ودار أحوال أمره.