ثمّ إنّ قوله عليه السلام : « إذا بلغ الماء قدر كرّ ..... إلخ » (١) قد عرفت أنّ الملحوظ في الجزاء فيه إنّما هو انتفاء التنجّس بواسطة الكرّيّة عن الماء مع ملاقاته للشيء المطلق ، وهي الطبيعة الغير الملحوظة فيها خصوصيّة شيء من الأفراد وعمومها ، فلا يكون الملحوظ في الحديث كلّ واحد واحد من أفراد الشيء الملاقي للماء ولا عمومية عدم التنجّس بالنظر إليها ، فلا ربط له بالمقام المتنازع فيه أصلا.
نعم لمّا كان الملحوظ فيه في طرف المنطوق هي الطبيعة مع فرض انتفاء تأثيره فيما يلاقيه لوجود الشرط يكون (٢) مفهومه تأثيره فيما يلاقيه بانتفائه ، وذلك يتحقّق بالجزئيّة من غير توقّف على الكلّيّة أصلا ، فيوافق في الثمرة القول بأنّ المفهوم ـ في المقام المذكور ـ هو سلب العموم. هذا.
أقول : النكرة المنفيّة وإن كانت ظاهرة بالنظر إلى الوضع الإفرادي الأوّلي في إرادة أصل الطبيعة ـ وهي الحصّة المنتشرة ـ لكن لا يبعد دعوى ظهورها عرفا في إرادة الأفراد على نحو الاستغراق. بمعنى تعلّق الإرادة الأوّلية بها كذلك لا التبعيّة الثانويّة ، بل الّذي يقتضي به التأمّل في المحاورات ذلك ، فإنّ المتبادر من قوله : لا تكرم أحدا ـ ابتداء ومن غير توسّط ملاحظة ورود النفي على الطبيعة ـ إنّما هو إرادة عدم إكرام كلّ واحد واحد من آحاد الرّجال ، بحيث يكون ذلك القول في مقام قضايا ، جزئيّة متعدّدة بتعدّد الأفراد.
__________________
لهما في الكيفية ، لكن المعتبر في مقام أخذ المفهوم ليس أخذ نقيض المنطوق فحسب ، بل لا بدّ فيه من رفع ما لوحظ في المنطوق في مقام التعلّق ، فإذا فرض أنّ الملحوظ أمور متعدّدة كلّ واحدة على نحو الاستقلال فلا بدّ من رفعها في جانب المفهوم أيضا كذلك ، منه طاب ثراه.
(١) مضى قريبا تخريجه.
(٢) في النسخة المستنسخة : فيكون ..