ثمّ إنّ المراد عدم تنجّس الماء إذا بلغ قدر كرّ بملاقاته مع المقتضي للتنجيس ، بمعنى أن المعلّق على بلوغه حدّ الكرّ إنّما هو عدم تنجّسه بملاقاته مع المقتضي له ، لا عدم تنجّسه بمجرّد وجود المقتضي له ولو مع عدم الملاقاة ، ضرورة عدم توقّف التنجّس مع عدم الملاقاة على سبب.
والمراد بالماء الظاهر أنّه طبيعة الماء الغير الملحوظ فيها شيء من أفرادها أصلا ، فيكون معنى منطوق الحديث ـ على ما استظهرناه ـ أنّ طبيعة الماء إذا بلغت مقدار كرّ لم ينجّسها شيء ممّا يقتضي التنجيس عند الملاقاة ، وأمّا مفهومه فقد عرفت في الحديث الشريف على عموميّة السلب في مفهومه وهكذا في أمثاله ولو مع البناء على أنّ المفهوم هو سلب العموم إذا كان المنطوق عامّا ، وذلك لأنّه إذا يلي العامّ جملة الجزاء ـ كما في الحديث المذكور ـ فلا بدّ أن يكون الشرط سببا لعموم حكم الجزاء لا محالة ، فإنّه أوّل مرتبة سببيّته للجزاء وأوّل مرتبة تعليقه عليه ، بحيث لو لم يعلّق عليه هذا المقدار ـ أيضا ـ خرج عن كونه معلّقا عليه بالمرّة ، مع أنّ الكلام نصّ في كونه معلّقا عليه الجزاء في الجملة ، ومقتضى إطلاق تعليق عموم حكم الجزاء عليه وعدم ذكر شيء آخر معه انحصار التعليق فيه ، بمعنى كونه هو المعلّق عليه عموم الجزاء لا غير ، وهذا لا يكون إلاّ مع كون السبب للجزاء في كلّ مورد هو ذلك المذكور في الكلام لا غير ، بأن يكون المانع عن التنجيس ـ في كلّ مورد من الموارد ملاقاة الماء للمقتضى له ـ منحصرا فيه ، إذ لو كان السبب المؤثّر في الجزاء في بعض الموارد هو وغيره لزم أن لا يكون هو وحده سببا لعموم حكم الجزاء ، بل هو مع ذلك الغير ـ يعني المركّب منهما ـ وقد فرضنا أنّ الكلام بمقتضى الإطلاق ظاهر في حصر سبب العموم فيه ، فيثبت بذلك أنّ المؤثّر ـ والمعلّق عليه حكم الجزاء ـ في كلّ مورد إنّما هو ذلك الّذي ذكر في الكلام ، فلا بدّ أن يكون الرفع في جانب المفهوم بالنظر إلى كلّ مورد ـ أيضا ـ وليس هذا إلاّ عموم سلب حكم الجزاء الثابت في