المنطوق.
وربما يختفي الفرق بين الحديث الشريف ونحوه وبين سائر الأمثلة ، نظرا إلى أنّ الداعي للبناء على سلب العموم في المفهوم إذا كان المنطوق عامّا إنّما هو قيام احتمال أن يكون الشرط المذكور في الكلام هو الجزء الأخير للعلّة التامّة لعموم حكم الجزاء في المنطوق ، بأن يكون سببه في بعض الموارد غير ذلك المذكور ، ويكون ذلك سببا له في بعض آخر من الموارد ، ويجب إذا صار ذلك سببا في ذلك المورد ، ويتحقّق سبب حكم الجزاء (١) في كلّ مورد ، فيسأل حينئذ عن الفرق فيما ذكرنا وغيره من الأمثلة ، من أنّ ما ذكر في الدليل على رفع ذلك الاحتمال فيه يجري في غيره من الأمثلة ـ أيضا ـ فإذن لا بأس بالإشارة الإجمالية إلى الفارق بين المقامين إزالة للشبهة عن البين :
فاعلم أنّ المتكلّم قد يكون في مقام بيان ما تعلّق بالأمور الكلّية بحيث ليست الجزئيّات الحقيقيّة مطويّة في نظره بوجه ـ كما في الحديث المذكور وما يليه من هذه الجهة ـ وقد يكون في مقام بيان ما تعلّق بالجزئيات الحقيقية ، بحيث ليست المطويّة في نظره ، إلاّ هي ، وفي المقام الثاني يمكن وجود المقتضي للحكم فعلا في بعض الخصوصيّات حال التكلّم ، فيجعل المتكلّم الشرط المذكور في الكلام حينئذ مقتضيا له في البعض الآخر منها ، الفاقد لما يقتضيه حال التكلّم ، فيكون ذلك المذكور وحده هو الجزء الأخير للعلّة التامّة لعموم الحكم بالنسبة إلى كلّ مورد.
هذا بخلاف المقام الأوّل ، لامتناع تحقّق المقتضي له في الكلّيّات قبل وجودها في الخارج ، فضلا عن تحقّقه فيها على التدريج إلى حال التكلّم ، ضرورة
__________________
(١) في النسخة المستنسخة : سبب الحكم الجزاء ...