في كل حال ، ورضينا بالمثال الذي ذكره لانه تعالى لو أوإب علينا الاستقاء في الحال لوجب أن يكون الحبل حاصلا في الحال لان به تنزاح العلة لكن إذا قال : متى دنوتم من البئر خلقت لكم الحبل إنما هو مكلف للدنو لا للاستقاء فيكفي القدرة على الدنو في هذه الحال لانه ليس بمكلف للاستقاء منها فاذا دنا من البئر صار حينئذ مكلفا للاستقاء فيجب عند ذلك أن يخلف له الحبل فنظير ذلك أن لايجب علينا في كل حال طاعة الامام وتمكينه فلا يجب عند ذلك وجوده فلما كانت طاعته واجبة في الحال ولم نقف على شرطه ولا وقت منتظر وجب أن يكون موجودا لتنزاح العلة في التكليف ويحسن.
والجواب عن مثال السيد مع غلامه مثل ذلك لانه إنما كلفه الدنو منه لا الشراء فاذا دنا منه وكلفه الشراء وجب عليه إعطاء الثمن ولهذا قلنا إن الله تعالى كلف من يأتي إلى يوم القيامة ولا يجب أن يكونوا موجودين مزاحي العلة لانه لم يكلفهم الآن فاذا أوجدهم وأزاح علتهم في التكليف بالقدرة والآلة ونصب الادلة حينئذ تناولهم التكليف ، فسقط بذلك هذه المغالطة.
على أن الامام إذا كان مكلفا للقيام بالامر وتحمل أعباء الامامة كيف يجوز أن يكون معدوما وهل يصح تكليف المعدوم عند عاقل ، وليس لتكليفه ذلك تعلق بتمكيننا أصلا ، بل وجوب التمكين علينا فرع على تحمله على ما مضى القول فيه وهذا واضح.
ثم يقال لهم : أليس النبي صلىاللهعليهوآله اختفى في الشعب ثلاث سنين لم يصل إليه أحد واختفى في الغار ثلاثة أيام ولم يجز قياسا على ذلك أن يعدمه الله تلك المدة مع بقاء التكليف على الخلق الذين بعثه لطفا لهم ، ومتى قالوا : إنما اختفى بعدما دعا إلى نفسه وأظهر نبوته فلما أخافوه استتر قلنا : وكذلك الامام لم يستتر إلا وقد أظهر آباؤه موضعه وصفته ، ودلوا عليه ، ثم لما خاف عليه أبو الحسن بن علي عليهماالسلام أخفاه وستره فالامر إذا سواء.