على العادة باطل مصنوع لايلتفت إلى مثله.
الجواب قيل له : أما من أبطل تطاول الاعمار من حيث الاحالة ، وأخرجه عن باب الامكان ، فقوله ظاهر الفساد لانه لو علم ما العمر في الحقيقة وما المقتضي لدوامه إذا دام ، وانقطاعه متى انقطع ، لعلم من جواز امتداده ماعلمناه ، والعمر هو استمرار كون من يجوز أن يكون حيا وغير حي حيا وإن شئت أن تقول : هو استمرار كون الحي الذي لكونه على هذه الصفة ابتداء حيا.
وإنما شرطنا الاستمرار لانه يبعد أن يوصف من كان في حالة واحدة حيا بأن له عمرا ، بل لابد من أن يراعوا في ذلك ضربا من الامتداد والاستمرار ، وإن قل.
وشرطنا أن يكون ممن يجوز أن يكون غير حي أو يكون لكونه حيا ابتداء ، احترازا من أن يلزم القديم تعالى جلت عظمته ممن لا يوصف بالعمر ، وإن استمر كونه حيا.
فقد علمنا أن المختص بفعل الحياة هو القديم تعالى وفيما تحتاج إليه الحياة من البنية ومن المعاني مايختص به جل وعز ، ولا يدخل إلا تحت مقدوره تعالى ، كالرطوبة وما جرى مجراها ، فمتى فعل القديم تعالى الحياة وما تحتاج إليه من البنية ، وهي مما يجوز عليه البقاء وكذلك ماتحتاج إليه فليس ينتفى إلا بضد يطرأ عليها أو بضد ينفي ماتحتاج إليه والاقوى أنه لا بضد لها في الحقيقة و ربما ادعى قوم أنه ما تحتاج إليه ، ولو كان للحياة ضد على الحقيقة لم يخل بما نقصده في هذا الباب.
فمهما لم يفعل القديم تعالى ضدها أو ضد ماتحتاج إليه ، ولا نقض ناقض بنية الحي استمر كون الحي حيا ، ولو كانت الحياة أيضا لاتبقى على مذهب من رأى ذلك ، لكان ما قصدناه صحيحا لانه تعالى قادر على أن يفعلها حالا فحالا ويوالي بين فعلها وبين فعل ما تحتاج إليه فيستمر كون الحي حيا.
فأما ما يعرض من الهرم بامتداد الزمان
وعلو السن وتناقص بنية الانسان