٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال إن العبد المؤمن الفقير ليقول يا رب ارزقني حتى أفعل كذا وكذا من البر ووجوه الخير فإذا علم الله عز وجل ذلك منه بصدق نية كتب الله له من الأجر مثل ما يكتب له لو عمله إن الله واسع كريم.
______________________________________________________
يَرْفَعُهُ » علمه في قلبه بأن هذا صحيح كما قلته بلساني.
وأقول : لكل من النيات الفاسدة والصحيحة أفراد أخرى يعلم بالمقايسة بما ذكرنا ، وهي تابعة لأحواله وصفاته وملكاته الراسخة منبعثة عنها ، ومن هذا يظهر سر أن أهل الجنة يخلدون فيها بنياتهم لأن النية الحسنة تستلزم طينة طيبة وصفات حسنة وملكات جميلة ، تستحق الخلود بذلك ، إذ لم يكن مانع العمل من قبله ، فهو بتلك الحالة مهيئ للأعمال الحسنة والأفعال الجميلة ، والكافر مهيئ لضد ذلك ، وبتلك الصفات الخبيثة المستلزمة لتلك النية الرديئة استحق الخلود في النار.
وبما ذكرنا ظهر معنى قوله عليهالسلام : وكل عامل يعمل على نيته ، أي عمل كل عامل يقع على وفق نيته في النقص والكمال والرد والقبول ، والمدار عليها كما عرفت ، وعلى بعض الاحتمالات المعنى أن النية سبب للفعل وباعث عليه ، ولا يتأتى العمل إلا بها كما مر.
الحديث الثالث : صحيح.
« ليقول » أي بلسانه أو بقلبه أو الأعم منهما « فإذا علم الله عز وجل ذلك » أي علم أنه إن رزقه يفي بما يعده من الخير فإن كثيرا من المتمنيات والمواعيد كاذبة لا يفي الإنسان به « إِنَّ اللهَ واسِعٌ » القدرة أو واسع العطاء « كريم » بالذات ، فالإثابة على نية الخير من سعة جوده وكرمه لا من استحقاقهم ذلك.
قال الشيخ البهائي قدسسره : هذا الحديث يمكن أن يجعل تفسيرا لقوله عليهالسلام نية المؤمن خير من عمله ، فإن المؤمن ينوي كثيرا من هذه النيات فيثاب عليها ولا يتيسر العمل إلا قليلا ، انتهى.