خالف سنتي فقد ضل وكان عمله في تباب أما إني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأضحك وأبكي فمن رغب عن منهاجي وسنتي فليس مني وقال كفى بالموت موعظة وكفى باليقين غنى وكفى بالعبادة شغلا.
______________________________________________________
« إلى سنتي » أي منتهيا إليها ، أو إلى بمعنى مع ، أي لا تدعوه كثرة الرغبة في العبادة إلى ارتكاب البدع كالرياضات المبتدعة للمتصوفة ، بل يعمل بالسنن والتطوعات الواردة في السنة ، ويحتمل أن يكون المراد بانتهاء الشره أن يكون ترك الشره بالاقتصاد والاكتفاء بالسنن وترك بعض التطوعات لا بترك السنن أيضا ، ويؤيده الخبر الآتي.
« في تباب » أي تباب العمل أو صاحبه ، والتباب الخسران والهلاك ، وفي بعض النسخ في تبار بالراء وهو أيضا الهلاك.
« كفى بالموت موعظة » الباء زائدة والموعظة ما يتعظ الإنسان به ، ويصير سببا لانزجار النفس عن الخطايا والميل إلى الدنيا والركون إليها وأعظمها الموت ، إذ العاقل إذا تفكر فيه وفي غمراته وما يعقبه من أحوال البرزخ والقيامة وأهوالها وما فعله بأهل الدنيا من قطع أيديهم عنها وإخراجهم منها طوعا أو كرها فجأة من غير اطلاع منهم على وقت نزوله وكيفية حلوله ، هانت عنده الدنيا وما فيها ، وشرع في التهيئة له إن أعطاه الله تعالى بصيرة في ذلك.
« وكفى باليقين غنى » أي كفى اليقين بأن الله رازق العباد ، وأنه يوسع على من يشاء ويقتر على من يشاء بحسب المصالح سببا لغني النفس وعدم الحرص وترك التوسل بالمخلوقين ، وهو من اليقين بالقضاء والقدر ، وقد مر في باب اليقين أنه يطلق غالبا عليه « وكفى بالعبادة شغلا » كان المقصود أن النفس يطلب شغلا يشتغل به ، فإذا شغلها المرء بالعبادة تحيط بجميع أوقاته فلا يكون له فراغ يصرفه في الملاهي ، وإذا لم يشتغل بالعبادة يدعوه الفراغ إلى البطر واللهو وصرف العمر في المعاصي والملاهي