.................................................................................................
______________________________________________________
دون أخرى ، بل يصح توفيره بكل ما يحصل فيه شهوة المعوض بخلاف الثواب لأنه يجب أن يكون من جنس ما ألفه المكلف من ملاذه ولا يصح إسقاط العوض ولا هبته ممن وجب عليه في الدنيا ولا في الآخرة سواء كان العوض عليه تعالى أو علينا ، هذا قول أبي هاشم والقاضي وجزم أبو الحسين بصحة إسقاط العوض علينا إذا استحل الظالم من المظلوم وجعله في حل ، بخلاف العوض عليه تعالى فإنه لا يسقط لأن إسقاطه عنه تعالى عبث لعدم انتفاعه به.
ثم قال بعد إيراد دليل القاضي على عدم صحة الهبة مطلقا : والوجه عندي جواز ذلك لأنه حقه وفي هبته نفع للموهوب ، ويمكن نقل هذا الحق إليه ، وعلى هذا لو كان العوض مستحقا عليه تعالى أمكن هبة مستحقه لغيره من العباد ، أما الثواب المستحق عليه تعالى فلا يصح منا هبته لغيرنا لأنه مستحق بالمدح فلا يصح نقله إلى من لا يستحقه.
ثم قال : العوض الواجب عليه تعالى يجب أن يكون زائدا على الألم الحاصل بفعله أو بأمره أو بإباحته أو بتمكينه لغير العاقل زيادة تنتهي إلى حد الرضا من كل عاقل بذلك العوض في مقابلة ذلك الألم لو فعل به لأنه لو لا ذلك لزم الظلم ، أما مع مثل هذا العوض فإنه يصير كأنه لم يفعل ، وأما العوض علينا فإنه يجب مساواته لما فعله من الألم أو فوته من المنفعة لأن الزائد على ما يستحق عليه من الضمان يكون ظلما ، ولا يخرج ما فعلناه بالضمان عن كونه ظلما قبيحا ، فلا يلزم أن يبلغ الحد الذي شرطناه في الآلام الصادرة عنه تعالى ، انتهى ملخص ما ذكره قدسسره.
وإنما ذكرناها بطولها لتطلع على ما ذكره أصحابنا تبعا لأصحاب الاعتزال وأكثر دلائلهم على جل ما ذكر في غاية الاعتلال ، بل ينافي بعض ما ذكروه كثير من الآيات والأخبار ، ونقلها وتحصيلها وشرحها وتفصيلها لا يناسب هذا المقام ، والله أعلم بالصواب.