وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ » (١) وقوله : « رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ
______________________________________________________
قد علمكم كيف تقولون إذا ركبتم.
وروى العياشي بإسناده عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : ذكر النعمة أن تقول : الحمد لله الذي هدانا للإسلام وعلمنا القرآن ومن علينا بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وتقول بعده : « سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا » إلى قوله : « وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ » ومنه قوله تعالى : « رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ».
ليس هذا في بعض النسخ وعلى تقديره المعنى أنه من موسى عليهالسلام كان متضمنا للشكر على نعمة الفقر وغيره لاشتماله على الاعتراف بالمنعم الحقيقي والتوسل إليه في جميع الأمور ، وروي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال : والله ما سأله إلا خبزا يأكله لأنه كان يأكل بقلة الأرض ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه لهزاله وتشذب لحمه ، وكذا علم سبحانه نوحا عليهالسلام الشكر حيث أمره أن يقول عند دخول سفينة أو عند الخروج منها : « رَبِّ أَنْزِلْنِي » وصدر الآية هكذا :
« فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً » قرأ أبو بكر منزلا بفتح الميم وكسر الزاي أي موضع النزول ، قيل : هو السفينة بعد الركوب ، وقيل : هو الأرض بعد النزول ، وقرأ الباقون منزلا بضم الميم وفتح الزاي أي إنزالا مباركا ، فالبركة في السفينة النجاة وفي النزول بعد الخروج كثرة النسل من أولاده ، وقيل : مباركا بالماء والشجر.
« وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ » لأنه لا يقدر أحد على أن يصون غيره من الآفات إذا أنزل منزلا ويكفيه جميع ما يحتاج إليه إلا أنت فظهر أن هذا شكر أمر الله به وتوسل إلى جنابه سبحانه ، وكذا كل من قرأ هذه الآية عند نزول منزل أو دار فقد شكر الله ، وكذا ما علمه الله الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يقول عند دخول مكة أو في جميع
__________________
(١) سورة المؤمنون : ٩٢.