نافس في الخير أهله واستبقهم إليه فإن الخير كاسمه واترك من الدنيا ما بك الغنى عنه ولا تنظر عينك إلى كل مفتون بها وموكل إلى نفسه واعلم أن كل فتنة
______________________________________________________
قوله تعالى : فإن الخير كاسمه ، لعل المعنى أن الخير لما دل بحسب أصل معناه في اللغة على الأفضلية وما يطلق عليه في العرف والشرع من الأعمال الحسنة أو إيصال النفع إلى الغير هي حير الأعمال ، فالخير كاسمه أي إطلاق هذا الاسم على تلك الأمور بالاستحقاق ، والمعنى المصطلح مطابق للمدلول اللغوي ، أو المراد به أن الخير لما كان كل من سمعه يستحسنه فهو حسن واقعا وحسنه حسن واقعي.
والحاصل أن ما يحكم به عقول عامة الخلق في ذلك مطابق للواقع ، أو المراد باسمه ذكره بين الناس ، يعني إن الخير ينفع في الآخرة كما يصير سببا لرفعة الذكر في الدنيا « ما بك الغناء عنه » أي ما لم تحتج إليه بل لم تضطر إليه « ولا تنظر » على بناء المجرد « عينك » بالرفع أو بالنصب بنزع الخافض ، أي بعينك ، وربما يقرأ تنظر على بناء الأفعال أي لا تجعلها ناظرة إلى كل مفتون بها أي مبتلى مخدوع بها ، والمراد النظر إلى كل من لقيه منهم ، فإنه لا يمكن النظر إلى كلهم أو كناية عن أن النظر إلى واحد منهم بالإعجاب به وبما معه من زينتها بمنزلة النظر إلى جميعهم ، لاشتراك العلة « وموكل إلى نفسه » المتبادر أنه على بناء المفعول لكن كان الظاهر حينئذ وموكول ، إذ لم يأت أو كله فيما عندنا من كتب اللغة لكن كثير من الأبنية المتداولة كذلك ، ويمكن أن يقرأ على بناء الفاعل من الإيكال بمعنى الاعتماد ، في القاموس : وكل بالله وتوكل عليه وأو كل واتكل استسلم إليه ، ووكل إليه الأمر وكلا ووكولا سلمه وتركه.
« أن كل فتنة » أي ضلاله أو بلية أو امتحان أو إثم ، في القاموس : الفتنة بالكسر الخبرة وإعجابك بالشيء والضلال والإثم والكفر والفضيحة والعذاب ، وإذابة الذهب والفضة والإضلال والجنون والمحنة والمال والأولاد ، واختلاف الناس