جبلة ، عن إسحاق بن عمار قال قال أبو عبد الله عليهالسلام يا إسحاق خف الله كأنك تراه وإن كنت لا تراه فإنه يراك فإن كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت وإن كنت تعلم أنه يراك ثم برزت له بالمعصية فقد جعلته من أهون الناظرين عليك.
٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن الهيثم بن واقد قال سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول من خاف الله أخاف الله منه كل شيء ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء.
______________________________________________________
عن غاية الانكشاف والظهور ، والمعنى الأول هنا أنسب أي خف الله خوف من يشاهده بعينه وإن كان محالا ، ويحتمل الثاني أيضا فإن المخاطب لما لم يكن من أهل الرؤية القلبية ولم يرتق إلى تلك الدرجة العلية فإنها مخصوصة بالأنبياء والأوصياء عليهمالسلام قال : كأنك تراه ، وهذه مرتبة عين اليقين وأعلى مراتب السالكين ، وقوله : فإن لم تكن تراه ، أي إن لم تحصل لك هذه المرتبة من الانكشاف والعيان ، فكن بحيث تتذكر دائما أنه يراك ، وهذه مقام المراقبة كما قال تعالى : « أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ ». « إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً » (١) والمراقبة مراعاة القلب للرقيب واشتغاله به والمثمر لها هو تذكر أن الله تعالى مطلع على كل نفس بما كسبت ، وأنه سبحانه عالم بسرائر القلوب وخطراتها ، فإذا استقر هذا العلم في القلب جذبه إلى مراقبة الله سبحانه دائما وترك معاصيه خوفا وحياءا ، والمواظبة على طاعته وخدمته دائما.
وقوله : وإن كنت ترى ، تعليم لطريق جعل المراقبة ملكة للنفس فتصير سببا لترك المعاصي ، والحق أن هذه شبهة عظيمة للحكم بكفر أرباب المعاصي ، ولا يمكن التفصي عنها إلا بالاتكال على عفوه وكرمه سبحانه ، ومن هنا يظهر أنه لا يجتمع الإيمان الحقيقي مع الإصرار على المعاصي ، كما مرت الإشارة إليه.
« ثم برزت له بالمعصية » أي أظهرت له المعصية ، أو من البراز للمقاتلة كأنك عاديته وحاربته ، و « عليك » متعلق بأهون.
الحديث الثالث : مجهول ، والمضمون مجرب معلوم.
__________________
(١) سورة النساء : ١.