٢ ـ محمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله بن
______________________________________________________
والخوف ليس بضد للرجاء ، بل هو رفيق له وباعث آخر بطريق الرهبة كما أن الرجاء باعث بطريق الرغبة ، انتهى.
ثم ظاهر الخبر أنه لا بد أن يكون العبد دائما بين الخوف والرجاء ، لا يغلب أحدهما على الآخر إذ لو رجح الرجاء لزم الأمن لا في موضعه وقال تعالى : « أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ » (١) ولو رجح الخوف لزم اليأس الموجب للهلاك كما قال سبحانه : « إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ » (٢) وقيل : يستحب أن يغلب في حال الصحة الخوف ، فإذا انقطع الأجل يستحب أن يغلب الرجاء ليلقى الله على حالة هي أحب إليه إذ هو سبحانه الرحمن الرحيم ويحب الرجاء ، وقيل : ثمرة الخوف الكف عن المعاصي فعند دنو الأجل زالت تلك الثمرة فينبغي غلبة الرجاء.
وقال بعضهم : الخوف ليس من الفضائل والكمالات العقلية في النشأة الآخرة وإنما هو من الأمور النافعة للنفس في الهرب عن المعاصي وفعل الطاعات ما دامت في دار العمل ، وأما عند انقضاء الأجل والخروج من الدنيا فلا فائدة فيه ، وأما الرجاء فإنه باق أبدا إلى يوم القيامة لا ينقطع لأنه كلما نال العبد من رحمة الله أكثر كان ازدياد طمعه فيما عند الله أعظم وأشد لأن خزائن جوده وخيره ورحمته غير متناهية لا تبيد ولا تنقص ، فثبت أن الخوف منقطع والرجاء أبدا لا ينقطع ، انتهى.
والحق أن العبد ما دام في دار التكليف لا بد له من الخوف والرجاء وبعد مشاهدة أمور الآخرة يغلب عليه أحدهما لا محالة بحسب ما يشاهده من أحوالها.
الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.
واعلم أن الرؤية تطلق على الرؤية بالبصر وعلى الرؤية القلبية وهي كناية
__________________
(١) سورة الأعراف : ٩٩.
(٢) سورة يوسف : ٨٧.