محمدا وآل محمد المال والولد.
______________________________________________________
مختلفة وورد في كثير من الأدعية طلب الغناء وكثرة الأموال والأولاد ، وورد في كثير منها ذم الفقر والاستعاذة منه ، والجمع بينها لا يخلو من إشكال ، ويمكن الجمع بينها بأن الغناء الممدوح ما يكون وسيلة إلى تحصيل الآخرة ، ولا يكون مانعا من الاشتغال بالطاعات كما ورد : نعم المال الصالح للعبد الصالح وهو نادر ، والفقر المذموم هو ما لا يصبر عليه ، ويكون سببا للمذلة والافتقار إلى الناس وربما يحمل الفقر والغناء الممدوحان على الكفاف فإنه غنى بحسب الواقع ، ويعده أكثر الناس فقرا ولا ريب في أن كثرة الأموال والأولاد والخدم ملهية غالبا عن ذكر الله والآخرة كما قال سبحانه : « أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ » (١) وقال « إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى » (٢) وأما إذا لم تكن حصول هذه الأشياء مانعة عن تحصيل الآخرة وكان الغرض فيها طاعة الله وكثرة العابدين لله فهي من نعم الله على من علم الله صلاحه فيه ، وكان هذه الأخبار محمولة على الغالب.
ومضمون هذا الحديث مروي في طريق العامة أيضا ، ففي صحيح مسلم عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : اللهم اجعل رزق محمد قوتا ، وعنه أيضا : اللهم اجعل رزق محمد كفافا ، وفي رواية أخرى اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا.
قال عياض : لا خلاف في فضيلة ذلك لقلة الحساب عليه وإنما اختلف أيهما أفضل الفقر أو الغناء واحتج من فضل الفقر بدخول الفقراء الجنة قبل الأغنياء قال القرطبي : القوت ما يقوت الأبدان ويكف عن الحاجة ، وهذا الحديث حجة لمن قال أن الكفاف أفضل لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم إنما يدعو بالأرجح ، وأيضا فإن الكفاف حالة متوسطة بين الفقر والغناء ، وخير الأمور أوسطها ، وأيضا فإنه حالة يسلم معها من آفات الفقر وآفات الغناء ، وقال الآبي في إكمال الإكمال : في المسألة خلاف والمتحصل
__________________
(١) سورة التغابن : ١٥.
(٢) سورة العلق : ٧.