.................................................................................................
______________________________________________________
العقل يجزم بعدم مساواة من أعقب كثيرا من الطاعة بقليل من المعصية مع من اكتفى بالفضل بينهما حسب ، وعدم مساواة من أعقب أحدهما بما يساوي الآخر مع من لم يفعل شيئا.
ثم إنه يمكن أن يسقط العقاب المتقدم عند الطاعة المتأخرة وعلى سبيل العفو وهو إسقاط الله تعالى ما يستحقه على العبد من العقوبة وهو الظاهر من مذاهب أصحابنا رضي الله عنهم ، وأما الثواب فلا يتصور فيه ذلك ، ويمكن أن يكون الوعد بالثواب على الطاعة المتقدمة أو استحقاقه مشروطا بعدم معاقبة المعصية لها كما يشترط ثواب الإيمان والطاعات بالموافاة على الإيمان بأن يموت مؤمنا عند كثير من أصحابنا.
لكن ذلك الاشتراط ليس بعام لجميع المعاصي بل مخصوص بمقتضى النصوص ببعضها ، وليس كلما ورد بطلان الطاعة بسببه مما يقطع باشتراط الثواب به لأن كلا منها أخبار آحاد لا تفيد القطع ، نعم ربما حصل القطع بأن شيئا من تلك المعاصي يشترط استمرار انتفائه لاستحقاق الثواب أو هو شرط في الوعد به.
والفرق بين هذا وبين الإحباط ظاهر من وجوه :
الأول : أن إبطال الثواب في الإحباط من حيث التضاد عقلا بين الاستحقاقين وهيهنا من جهة اشتراطه شرعا بنفي المعصية.
الثاني : أن المنافاة هناك بين الاستحقاقين فلو لم يحصل استحقاق العقاب لانتفاء شرطه لم يحصل الإحباط وهيهنا بنفس المعصية ينتفي الثواب ، أو استحقاقه إن ثبت وكان مستمرا وإن توقف أصل الاستحقاق على استمرار النفي لم يحصل أصلا وإنما يحصل في موضع الحصول بالموت ، ولا يختلف الحال باستحقاق العقاب على تلك المعصية لاستجماع شرائطه وعدمه لفقد شيء منه كمنع الله تعالى لطفا معلوما عن المكلف ، وكما لو أعلم الله تعالى المكلف أنه يغفر له ويعفو عن جميع معاصيه فكان مغريا له بالقبيح ، وكما لو لم يقع فعل القبيح ولا الإخلال بالواجب عن المكلف على سبيل