.................................................................................................
______________________________________________________
قائل به من الأصحاب صريحا ، وكلام التجريد ليس بصريح إلا في الموافاة بالإيمان.
الرابع : (١) أن العفو مطلقا سواء كانت المعصية مما تاب المكلف منها أو لا وسواء كانت صغيرة مكفرة أو كبيرة غير واقع بالسمع عند جميع المعتزلة وذهب بعضهم وهم البغداديون منهم إلى أنه قبيح عقلا والسمع أكده ، والبصريون إلى جوازه عقلا وإنما المانع منه السمع فمزيل العقاب عندهم منحصر في أمرين أحدهما التوبة ، والثاني التكفير بالثواب ، وذلك عند من قال بأن التوبة إنما تسقط العقاب لكونه ندما على المعصية ، وإما عند من قال أنه يسقط لكثرة الثواب فالمزيل منحصر في أمر واحد هو الإحباط فتوهم غير هذا باطل ، ودعوى الاتفاق على العفو من الصغائر عند اجتناب الكبائر ، ومن الذنوب مطلقا عند التوبة كما وقع من الشارح الجديد للتجريد مضمحل عند التحقيق كما ذكره بعض الأفاضل.
قال صاحب الكشاف في تفسير قوله تعالى : « إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ » (٢) نمط ما تستحقونه من العقاب في كل وقت على صغائركم ، ونجعلها كان لم تكن لزيادة الثواب المستحق على اجتنابكم الكبائر وصبركم عنها على عقاب السيئات ، وأما إسقاط التوبة للعقاب ففيه ثلاث مذاهب : « الأول » أنها تسقطه على سبيل الوجوب عند اجتماع شرائطها لكونها ندما على المعصية كما أن الندم على الطاعة يحبطها لكونه ندما عليها مع قطن النظر عن استتباعها الثواب والعقاب الثاني : أنها تسقطه على سبيل الوجوب ، لا لكونها ندما عليها ، بل لاستتباعها ثوابا كثيرا ، الثالث : أنها لا تسقطه وإنما تسقط العقاب عندها ، لأنها على سبيل العفو دون الاستحقاق ، وهذه المذاهب مشهورة مسطورة في كتب الكلام.
وأقول : بهذا التفصيل الذي ذكر ارتفع التشنيع واللوم عن محققي أصحابنا
__________________
(١) أي الرابع من المقاصد.
(٢) سورة النساء : ٣١.