للحي ، أو بدل من المستكن في « استوى » وقرئ بالجر صفة للحي « فاسأل به خبيرا » أي فاسأل عما ذكر من الخلق والاستواء عالما يخبرك بحقيقته وهو الله تعالى أو جبرئيل أو من وجده في الكتب المتقدمة ليصدقك فيه. وقيل : الضمير للرحمن ، والمعنى : إن أنكروا إطلاقه على الله فاسئل عنه من يخبرك من أهل الكتاب ليعرفوا ما يرادفه في كتبهم. وعلى هذا يجوز أن يكون الرحمن مبتدأ والخبر ما بعده والسؤال كما يعدى بعن لتضمنه معنى التفتيش يعدى بالباء لتضمنه معنى الاعتناء. وقيل : إنه صلة خبيرا.
« قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين » قال البيضاوي : أي مقدار يومين أو بنوبتين ، وخلق في كل نوبة ما خلق في أسرع ما يكون ولعل المراد بالارض ما في جهة السفل من الاجرام البسيطة ، ومن خلقها في يومين أنه خلق لها أصلا مشتركا ثم خلق لها صورا صارت بها أنواعا ، وكفرهم به إلحادهم في ذاته وصفاته « وتجعلون له أندادا » ولا يصح أن يكون له ند « ذلك » الذي خلق الارض في يومين « رب العالمين » خالق جميع ما وجد من الممكنات ومربيها « وجعل فيها رواسي » استئناف غير معطوف على « خلق » للفصل بما هو خارج عن الصلة « من فوقها » مرتفعة عليها ليظهر للنظار ما فيها من وجوه الاستبصار ، وتكون منافعها معرضة للطلاب (١).
اقول : وقال الرازي : إذ لوجعلت تحتها لاوهم ذلك أنها أساطين تمسكها فجعلها فوقها ليرى الانسان أن الارض والجبال أثقال على أثقال وكلها مفتقرة إلى ممسك وحافظ وليس ذلك إلا الله سبحانه (٢).
« وبارك فيها » قال البيضاوي : أي وأكثر خيرها بأن خلق فيها أنواع النبات والحيوانات « وقدر فيها أقواتها » أي أقوات أهلها بأن عين لكل نوع ما يصلحه ويعيش به ، أو أقواتا تنشأ منها بأن خص حدوث كل قوت بقطر من
____________________
(١) أنوار التنزيل ، ج ٢ ، ص ٣٨٤.
(٢) مفاتيح الغيب ، ج ٧ ، ص ٣٥٣. نقل عنه ملخصا.