والتعميم أولى لان رياح الرحمة كثيرة منها اللواقح ، ومهيجة السحب الماطرة ، و الحابسة لها بين السماء والارض ، والعاصرة لها حتى تمطر ، والمجرية للجواري في البحار وغيرها. ووتد الشئ : بالتخفيف (١) أي جعله محكما مثبتا بالوتد ، و الصخور : جمع الصخرة ، وهي الحجر العظيم الصلب ، والميدان بالتحريك : التحرك والاضطراب ، وقد مر تحقيق ذلك وسيأتي بعضه.
« وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه » لعل مناسبة الاخلاص لنفي الصفات أن الاخلاص في العبادة بالنظر إلى عامة الخلق هو أن لا يقصدوا في عبادتهم غيره تعالى من المخلوقين ، وبالنظر إلى الخواص أن يعرفوا الله بحسب وسعهم وطاقتهم بالوحدانية ثم يعبدونه (٢) ، فمن عبدالله وحده بزعمه وزعم أن له صفات زائدة فلم يعبد إلها واحدا بل آلهة كثيرة ، بل لم يعبد الله أصلا كما مر في الخبر « من عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك ، ومن عبدالمعنى بإيقاع الاسماء عليه بصفاته التي وصف بها نفسه فعقد عليه قلبه ونطق به لسانه في سر أمره وعلانيته فاولئك أصحاب أميرالمؤمنين حقا » وقال ابن ميثم : المراد بالمعرفة المعرفة التامة التي هي غاية العارف في مراتب السلوك ، وأوليتها في العقل لكونها علة غائية ، وبين الترتيب بأن المعرفة تزاد بالعبارة وتلقي الاوامر بالقبول ، فيستعد السالك أولا بسببها للتصديق بوجوده يقينا ، ثم لتوحيده ، ثم للاخلاص له ، ثم لنفي ماعداه عنه ، فيغرق في تيار بحار العظمة ، وكل مرتبة كمال لما قبلها إلى أن تتم المعرفة المطلوبة له بحسب ما في وسعه ، وبكمال المعرفة يتم الدين وينتهي السفر إلى الله تعالى. وما ذكرنا أنسب كما لا يخفى.
كائن لاعن حدث موجود لاعن عدم ) ظاهره الاختصاص به سبحانه وحدوث ما سواه ، وكذا قوله عليهالسلام « متوحد إذ لا سكن يستأنس به » يدل على حدوث العالم ، والانشاء : الخلق ، والفرق بينه وبين الابتداء بأن الانشاء كالخلق أعم
____________________
(١) والتشديد.
(٢) في بعض النسخ : ثم يعبدوه.