من الابتداء ، قال تعالى « خلق الانسان من صلصال (١) » والابتداء : الخلق من غير سبق مادة ومثال ، وإن لم يفهم هذا الفرق من اللغة لحسن التقابل حينئذ وإن أمكن التأكيد. وهمامة النفس : اهتمامها بالامور وقصدها إليها ، والاضطراب : الحركة ، والحركة في الهمامة : الانتقال من رأي إلى رأي أو من قصد أمر إلى قصد أمر آخر بحصول صورة ، وفي بعض النسخ « ولا همة نفس » بالكسر.
« أحال الاشياء لاوقاتها » في أكثر النسخ بالحاء المهملة إما من الاحالة بمعنى التحويل أي نقل كلامنها إلى وقتها ، فاللام بمعنى إلى والتعليل كما قيل بعيد ، وإما من قولهم « حال في متن فرسه » أي وثب ، فعدي بالهمزة أي أقر الاشياء في أوقاتها كمن أحال غيره على فرسه كما قيل ولا يخفى بعده ، ولعله بمعنى الحوالة المعروفة أظهر ، وفي بعض النسخ الصحيحة بالجيم كأنه سبحان حرك الاشياء ورددها في العدم حتى حضروقتها ، وفي الاحتجاج « أجل » بالجيم المشددة أي أخر ، « ولاءم بين مختلفاتها » أي جعلها ملتئمة مؤتلفة كما ألف بين العناصر المتخالفة في الطباع وبين النفوس والابدان. « وغرز غرائزها وألزمها أسناخها » الغريزة : الخلق والطبيعة ، والسنخ بكسر السين وسكون النون : الاصل وفي بعض النسخ « أشباحها » جمع الشبح محركة أي أشخاصها ، وتغريز الغرائز : إيجادها أو تخصيص كل بغريزة خاصة لها (٢) أو من تغريز العود في الارض ليثمر على ما قيل ، والضمير المنصوب في « ألزمها » راجع إلى الاشياء كالسوابق ، والمعنى (٣) : جعلها بحيث لا يفارقها اصولها ، أو جعل الاشخاص لازمة للكليات على النسخة الاخيرة ، أو راجع إلى الغرائز أي جعل كل ذي غريزة أو كل شخص بحيث لاتفارقه غريزته غالبا أو مطلقا.
« عالما بها قبل ابتدائها » العامل في « عالما » وما بعدها إما « ألزم » أو الافعال
____________________
(١) الرحمن : ١٤.
(٢) في بعض النسخ : بها.
(٣) في بعض النسخ : فالمعنى.