قال الكيدري : قوله « فأمرها » مجازا لان الحكيم لا يأمر الجماد به. « الهواء من تحتها فتيق والماء من فوقها دفيق » أي الهواء الذي هو محل الريح مفتوق أي مفتوح منبسط من تحت الريح الحاملة للماء ، والماء دفيق من فوقها أي [ مصبوب ] مندفق ، والغرض أنه سبحانه بقدرته ضبط الماء المصبوب بالريح الحاملة له كما ضبط الريح بالهواء المنبسط وهو موضع العجب.
« ثم أنشأ سبحانه ريحا اعتقم مهبها وأدام مربها » الظاهر أن هذه الريح غير ما جعلها الله محلا للماء بل هي مخلوقة من الماء كما سيأتي في الرواية ، والاعتقام : أن تحفر البئر فإذا قربت من الماء احتفرت بئرا صغيرا بقدر ما تجد طعم الماء ، فإن كان عذبا حفرت بقيتها ويكون اعتقم بمعنى صار عقيما ، ومنه الريح العقيم ، وفي العين : الاعتقام الدخول في الامر ، وقال ابن ميثم تبعا للكيدري : الاعتقام الشد والعقد ، ولم نجده في كتب اللغة. والمهب : مصدر بمعنى الهبوب ، أو اسم مكان ، و على الاول في الاسناد توسع ، و « رب » يأتي بمعنى جمع وزاد ولزم وأقام ، قيل : المعنى أن الله تعالى أرسلها بمقدار مخصوص تقتضيه الحكمة ولم يرسلها مطلقا بل جعل مهبها ضيقا كما يحتفر البئر الصغير في الكبير ، وقيل : المعنى جعلها عقيمة لا تلقح وهذا إنما يصح لو كان الاعتقام بهذا المعنى متعديا ، أو كان مهبها مرفوعا وفي النسخ منصوب ، وقيل : وروي « أعقم » فيصح ، ويحتمل أن يكون بمعنى شد مهبها وعقده على ما تقتضيه الحكمة والمصلحة ، وقيل : على تقدير كون اعتقم بالتاء المراد أنه أخلى مهبها من العوائق وأنه أرسلها بحيث لا يعرف مهبها من مربها. وهو كما ترى ، و معنى إدامة مربها جعلها ملازمة لتحريك الماء وإدامة هبوبها ، وفي بعض النسخ « مدبها » بالدال أي جريها.
و « أعصف مجراها » أي جريانها ، أو اسند إلى المحل مجازا. « وأبعد منشاها » أي أنشاها من مبدء بعيد ، ولعله أدخل في شدتها و « المنشا » في بعض النسخ بالهمزة على الاصل وفي بعضها بالالف للازدواج. « فأمرها بتصفيق الماء الزخار » الصفق : الضرب الذي يسمع له صوت ، والتصفيق أيضا كذلك لكن مع شدة ، وإثارة