الجميع أظهر ، وتزيين البعض تزيين للجميع ، وهذا مما يقرب الوجه الذي ذكرنا أولا ، والزينة إما مصدر أو اسم ما (١) يزان به كالليقة لما يلاق به أي يصلح به المداد. قال في الكشاف : قوله تعالى ( بزينة الكواكب ) يحتملهما فعلى الاول إما من إضافة المصدر إلى الفاعل بأن تكون الكواكب مزينة للافلاك ، أو إلى المفعول ، بأن زين الله الكواكب وحسنها لانها إنما زينت السماء لحسنها في أنفسها ، وعلى الثاني فإضافتها إلى الكواكب بيانية (٢) وتنوين الزينة كما قرئت الآية به ليس موجودا في النسخ ، وزينة الكواكب للسماء إما لضوئها أو للاشكال الحاصلة منها كالثريا والجوزاء ونحوهما ، أو باختلاف أوضاعها بحركتها أو لرؤية الناس إياها مضيئة في الليلة الظلماء أو للجميع. وقوله تعالى « بمصابيح » في موضع آخر مما يؤيد بعض الوجوه ، وسيأتي القول في محال الكواكب في محله.
« وضياء الثواقب » المراد بها إما الكواكب ، فيكون كالتفسير لزينة الكواكب والكواكب ثواقب أي مضيئة كأنها تثقب الظلمة بضوئها ، أو الشهب التي ترمى بها الشياطين فتثقب الهواء بحركتها والظلمة بنورها. « فأجرى فيها سراجا مستطيرا وقمرا منيرا » وفي بعض النسخ « وأجرى » بالواو ، والمراد بالسراج الشمس ، كما قال تعالى « سراجا وقمرا (٣) منيرا » قيل : لما كان الليل عبارة عن ظل الارض وكانت الشمس سببا لزواله كان شبيها بالسراج في ارتفاع الظلمة به ، والمستطير : المنتشر الضوء ، واستطار : تفرق وسطح ، وأنار الشئ واستنار : أي أضاء ، وقيل ما بالذات من النور ضوء ، وما بالعرض نور. كما قال سبحانه « هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا » (٤) وقيل : لان النور أضعف من الضوء ، والاحتمالات
____________________
(١) في بعض النسخ : لما يزان.
(٢) انتهى كلام الزمخشرى.
(٣) الفرقان : ٦١.
(٤) يونس : ٥.